والبدع هي الحوادث التي يتقرب بها الناس إلى الله، لم ينزل بها آية ولا حديث، هذه يقال لها: البدع، العبادات التي يحدثها الناس، أما أمور الدنيا ما تسمى بدع، إن أحدث الناس شيئًا في الدنيا من آلات ركوب أو آلات بناء أو غير ذلك مما يحدثه الناس ملابس ومراكب أو أنواعًا من البناء أو ما أشبه ذلك هذا ليس من البدع، هذه أمور دنيوية ليست من العبادات، وقد أحدث الناس الطائرات وأحدثوا السيارات وأحدثوا أنواعًا من السلاح كثيرة مختلفة، أحدث الناس ملابس متنوعة وأطعمة متنوعة إلى غير ذلك، فليس هذا داخلا في البدع، وليس له تعلق بالبدع، بل هذا يعرض على الأدلة الشرعية، فما أباح الله من ذلك فهو مباح، وما نهى عنه سبحانه فهو محرم، وإن البدع تكون في القربات والتعبدات، مثل المأتم الذي أحدثه الرافضة يتعبدون به ويعظمون الحسين ويتقربون بزعمهم إلى الله؛ لأنه ابن بيت النبي ﷺ، وجعلوا من الحق عليهم أن يبتدعوا هذه البدعة، وأن يقيموا هذا المأتم، وهذا من أغلاطهم الكبيرة، بل حقه عليهم أن يترضوا عنه، ويترحموا عليه، ويدعوا له، لا أن يبتدعوا من أجله بدعًا، وكذلك مما وقع من الرافضة الغلو، فإن كثيرًا ممن ينسب إلى التشيع أحدثوا غلوًا في أهل البيت في علي وأولاده حتى غلوا فيهم، وعبدوهم من دون الله، واستغاثوا بهم، ونذروا لهم، وزعموا أنهم يعلمون الغيب، وهذا من الجهل العظيم، والضلال البعيد، والكفر البواح، نعوذ بالله من ذلك.
ومن البدع التي أحدثها الناس بعد رسول الله ﷺ البناء على القبور، واتخاذ القباب عليها والمساجد، وهذا من أقبح البدع، وقد صار هذا الحدث من أسباب الشرك بالله ، حتى غلت الجهلة بالقبور وعظموا المقبورين تعظيمًا زائدًا على الشرع، ودعوهم من دون الله، واستغاثوا بهم، وطافوا بقبورهم، وطلبوا منهم المدد والغوث، ووقع الشرك الأكبر بسبب ذلك، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وقال عليه الصلاة والسلام: ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك، وما ذاك إلا لأن هذا وسيلة للشرك، فإن الجاهل إذا رأى القبر المعظم في البناء والمسجد والفرش والأطياب والسدنة الذين يقولون: إن هذا ولي الله، ويعطي من دعاه، ويستجيب لمن دعاه، ويتشفع عند الله لمن استغاث به، غروه حتى وقع الشرك، حتى عبدوهم من دون الله بالدعاء، والنذر، والاستغاثة، وطلب المدد، وطافوا بقبورهم إلى غير هذا من أنواع الشرك الأكبر، نعوذ بالله من ذلك.
ومن ذلك ما ورد في حديث جابر أن الرسول ﷺ نهى عن تجصيص القبور، وعن البناء عليها، والتجصيص، والبناء من أسباب الشرك، ومن وسائل الشرك، فالقبر لا يجصص، ولا يبنى عليه، يوضع الميت في قبره في اللحد، ثم يهال عليه التراب، ثم يوضع التراب على ظهر القبر شبرًا، أو ما حوله علامة أنه قبر، ثم توضع ...... على أطرافه لحفظه والبطحاء لحفظ التراب، وينتهي الأمر عند هذا، أما أن يجصص، أو يبنى عليه قبة، أو مسجد، فهذا من بدع النصارى واليهود، وهذا من محدثاتهم، ثم تابعهم جهال المسلمين جهال أهل السنة، فبنوا على القبور المساجد، وعظموها، ووضعوا عليها القباب، ووضعوا لها السدنة، حتى صارت القبور تعبد من دون الله، وتدعا ويستغاث بها، ويصار إلى أهلها من البلاد البعيدة يسألونهم ويستغيثون بهم، وربما طافوا بقبورهم في بعض الأحيان، نعوذ بالله من ذلك.
ومن البدع التي أحدثها الناس بعد الرسول ﷺ بقرون بدعة إحياء الموالد، والاحتفال بالموالد في كثير من البلاد الإسلامية إنشاء يوم الثاني عشر من ربيع الأول احتفلوا بالمولد مولد النبي ﷺ، فأقاموا الولائم، والمخيمات الكثيرة، وجاؤوا بمن ينشد الأشعار، ويتلو بما كتب في المولد من أخبار المولد، وكيف ولد عليه الصلاة والسلام، وما جرى في ولادته إلى غير ذلك، فيقع أنواع من الشرك في كثير من الناس عند إقامة هذا المولد، كثير منهم يقع في الشرك والاستغاثة بالرسول ﷺ ودعائه ونحو ذلك، وهو بدعة مطلقًا، ولو ما وقع الشرك، هو بدعة، ما فعله رسول الله ﷺ، ولا فعله خلفاؤه الراشدون، ولا الصحابة المرضيون، ولا القرون المفضلة، وإنما أول ما وقع في عهد الفاطميين من الرافضة من الشيعة الذين ملكوا مصر والمغرب في المائة الرابعة أحدثوا موالد منها مولد النبي ﷺ وموالد أخرى، ثم انتشر هذا في الناس إلى يومنا هذا، وهو بدعة، وإن كان احتفالًا بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه ما شرع لنا هذا، والمؤمن يتبع ولا يبتدع، وذكراه ﷺ موجودة في كل وقت، فهو يذكر في الصلوات الخمس، وفي الأذان، وفي الإقامة، وفي الخطب والدروس اليومية والأسبوعية، وغيرها، فهو ﷺ لم ينس ولم يغفل عنه عند المسلمين، فليس هناك حاجة إلى إقامة هذه الموالد، وإنما المولد من جملة الدروس في السيرة تدرس في المدارس وفي الجامعات ضمن السيرة النبوية، أما أن يعد مخيم في الثاني عشر أو غيره باسم الموالد والاحتفالات وطعام وخطب وقصائد يقع فيها ما يقع فيها من الشر، وما يحصل فيها من الاختلاط في بعض الأحيان، وربما حصل فيها شرب الخمور والفواحش في بعض البلاد، والحاصل أنه بدعة مطلقًا، ولو كان لمجرد قراءة آيات وسيرة مولد ونحو ذلك، كل ذلك بدعة لم يفعله الرسول ﷺ، ولا أصحابه، وهو سيلة إلى شر كثير، وإلى فساد كبير.
وهكذا الموالد الأخرى للبدوي أو للحسين أو لعلي أو للصديق أو لعمر أو لعثمان أو لفاطمة أو لغيرهم من الناس كل هذه الموالد بدعة، كل الاحتفال بها والاجتماع لها وإقامة الطعام وإقامة القصائد والدروس كل ذلك مما أحدثه الناس، فلا ينبغي أن يغتر بمن فعل ذلك في أي مكان، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة، ومن البدع أيضًا ما أحدثه بعض الناس في آخر رجب من الاحتفال بالإسراء والمعراج فيما يزعمون ويقولون: إن الإسراء والمعراج وقع في آخر رجب في ليلة السابع والعشرين، وهذا لا دليل عليه، ولا أصل له، فلم يثبت عن النبي ﷺ أنه كان الإسراء في هذه الليلة، ثم لو ثبت فلا أصل للاحتفال بهذا؛ لأن الرسول ﷺ لم يحتفل بها ولا أصحابه وهم القدوة، فلو كان الاحتفال أمرًا مشروعًا لما ضيعه النبي ﷺ، ولا غفل عنه، ولم يتركه أصحابه ، وهم القدوة في كل خير، وهم أسبق الناس إلى كل خير، فلما لم يفعل ذلك النبي ﷺ، ولا أصحابه، علم أن الاحتفال بالإسراء والمعراج في يوم السابع والعشرين أو في ليلة السابع والعشرين أو صوم يوم السابع والعشرين أن هذا كله بدع لا أصل له.
وهكذا بدعة أخرى أوقعوها في رجب أيضًا، في ليلة أول جمعة أحدثوا صلوات يصلونها في ليلة الجمعة من أول رجب يسمونها صلاة الرغائب، وهي بدعة أيضًا لا أصل لها، حدثت بعد أربعمائة من الهجرة في آخر القرن الرابع، أحدثها بعض الناس في الشام، ثم وقعت في غير الشام، وهي بدعة لا أساس لها، قبح الله من أحدثها.