المقصود أن على أهل العلم أن ينشروا ما علموا من حكم الله بين الناس؛ حتى يعلم المسلمون ما هم فيه من الخير، وما أعطاهم الله من النعم، وحتى لا يشبه عليهم أعداء الله، ويلبس عليهم أعداء الله، وحتى يعلم أعداء الله ما في الإسلام من الخير والهدى، فيكون ذلك داعيًا إلى دخولهم في الإسلام ورغبتهم في الإسلام.
وقد وقع في الندوة ما معناه أن التعدد مباح فقط، وإن الصواب في هذا أن يقال: إنه مشروع لا مجرد إباحة فقط، بل التعدد مشروع وسنة لمن قدر عليه وتوافرت فيه الشروط؛ لما فيه من المصالح التي سمعتم في الندوة، والله قال: فَانْكِحُوا [النساء:3]، وأمر والأمر أصله ما بين الندب وبين الوجوب، وإنما نقله من ...... اليتيمات إلى التزوج من غير اليتيمات، كان بعض الناس إذا كانت عنده اليتيمة أو اليتيمات إذا أعجبه جمالها ومالها تزوجها، وإن لم يعجبه ذلك تركها وربما أمسكها حتى تموت حتى يأخذ مالها، فعاب الله عليهم ذلك، وأنكر عليهم ذلك حتى يعملوا بما شرع الله ، وأن يعطوهن القسط في مهورهن، إذا أعجبنهم فلينكحوهن بالمهر اللائق الذي يعطاه أمثالها، وإن لم تعجبهم لم يظلموها، بل تتركوها تتزوج من غيرهم، وقد يكون لها شركة في نخله يكون لها العذق من النخل والنصيب من النخل من نخلات أو سهم من النخل أو عدد النخلات في نخله فيحب أن يتزوجها، ويحب أن تبقى لديه حتى تكون حتى لا يأتيه مشارك في هذا النخل، أو في هذه الأرض، أو في نحو ذلك. فالمقصود أن الله جل وعلا نقلهم من هذا إلى أن ينكحوا ما طاب من النساء في الجهات الأخرى في البيئات الأخرى غير بيئة اليتيمات، والأمر أصله بين الوجوب والندب وشرط في ذلك عدم خوف العدل فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً [النساء:3].
فإذا توافرت الشروط وآنس من نفسه القدرة فالتعدد فيه خير كثير ومصالح جمة، ولاسيما في هذا العصر عند كثرة النساء، وكثرة المشاكل، فتكون المرأة لها ربع الرجل، أو يكون لها ثلث الرجل، أو يكون لها نصف الرجل خير من بقائها عانسة بلا رجل تتعرض للفساد والشيطان، وتتعرض للزنا والفواحش، وتتعرض للأمراض الكثيرة، قد تصاب بأمراض بسبب عدم الزواج، قد تصاب بفساد في أخلاقها والمصادقة لشباب تفعل معهم الفاحشة، فالزواج فيه خير كثير ومصالح جمة كما علمتم أولًا عفة الرجال، الرجل قد لا تكفيه الواحدة، فيحتاج إلى ما يعفه من ثنتين أو ثلاث أو أربع، قد يحتاج إلى أكثر من ذلك، فأباح الله الإماء فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:3]، فأباح الله لهم الإماء زيادة على الأربع حتى يعف نفسه، وحتى يكثر التعدد للأمة، والمرأة كذلك قد تحتاج إلى الزوج، قد يبتلى الناس بحروب، قد يبتلى الناس بغير حروب بأن يقل وجود الرجال ويكثر وجود النساء في حمل النساء وهذا موجود الآن كثير من الزوجات أكثر حملهن النساء، ويقل حملهن بالأولاد تجد في البيت الواحد الذكر الواحد والذكران وفيه سبع بنات وعشر بنات وهذا واقع، فالله جل وعلا حكيم عليم حين شرع لنا التعدد حتى لا يتعطل نساؤنا ولا يتعطل رجالنا.
ثم المرأة قد تبتلى بأمراض يعتريها الحيض يعتريها النفاس تبتلى بالعقم تبتلى بأسباب عارضة لا تحمل معها، فأباح الله للرجل أن يتزوج ثنتين وثلاث وأربع حتى يعف نفسه، وحتى يعف النساء من قريبات وغير قريبات، ويحسن إليهن بالنفقة والعفة، وإبعادهن عن خطر الفساد، وتبتلى أيضًا بالحاجة قد تكون فقيرة فييسر الله لها زوجًا أنفق عليها وأحسن إليها، فالمصالح عظيمة وجمة فيما يتعلق بالتعدد، ولكن أعداء الله عمي عن هذا الخير، وعمي عن هذا الحق، وعمي عن هذه المصالح أو يتعامون عن ذلك حسدًا وبغيًا وعنادًا للإسلام، وعداء لأهله، ثم مقلدوهم من أشباه الأنعام قد يقعون في ذلك، قد يقلدهم بعض عامة المسلمين فيقعون في هذا الشر والفساد، فبئس التلبية لرأي أولئك المجرمين الظالمين، فالواجب على العلماء أن يبينوا، وأن يوضحوا للناس هذا الأمر، يبينوا لهم محاسن الإسلام محاسن الشريعة في كل شيء في العبادات في المعاملات في النكاح في التعدد في الطلاق في غير ذلك، وقد يسر الله لنا وسائل إعلام تنشر كل شيء بدل الكثير من الأغاني والفساد والشر الذي لا ينبغي أن ينشر، تنشر المقالات النافعة والتوجيهات السديدة والبحوث المفيدة للعالم للمسلمين وغير المسلمين هذا واجب العلماء، فيجب على أهل العلم أن يتواصوا بهذا، ويجب على وزارة الإعلام أن تعنى بهذا الأمر، وعلى الدولة أن تعنى بهذا الأمر، وعلى كل مصلح أن يعنى بهذا الأمر حتى ينشر الحق ويكثر بيانه للناس، وحتى يندحر الباطل وأهل الباطل، هذا هو الواجب على الجميع إظهار الحق.
وكل من تأمل من العقلاء هذا الأمر وجد الحكمة العظيمة في شرعية التعدد وأنه مصلحة عظيمة، وأنه خير للجميع للرجال والنساء، لو تأملوا قليلًا حتى النساء التي يغرن في هذا الأمر لو تأملن قليًلا لعرفنا المصلحة، إذا كانت معطلة ليس لها زوج والأخرى عندها زوج فما حالها كيف تكون حالها لا ولد ولا زوج هل هذه أولى أو كونها عند الزوج ولها ربع ولها ليلة من أربع أو ليلة من ثلاث أو ليلة من ثنتين أيهما أفضل؟ ثم ما الداعي للمشاكل؟ إذا عدل الزوج ما هناك مشاكل، إذا عدل الزوج ليس هناك مشاكل، المشاكل تأتي منه هو، إذا لم يعدل تأتي المشاكل، أما إذا عدل بينهن فلا مشاكل، ونحن قد جربنا هذا وعرفناه، لأننا لسنا نخبر عن قول الناس، جربنا هذا وجربه غيرنا من عدل فلا مشاكل، إنما المشاكل تأتي من عدم عدله وميله وظلمه لإحدى الزوجتين أو الزوجات، فلهذا تغار الأخرى، ويكون مشاكل، فأما إذا عدل واتقى الله في ذلك فهذا الرسول ﷺ سيد ولد آدم عنده تسعة وعدل بينهن ولم يكن مشاكل، ولما وقع بعض المشاكل حلت بسهولة وانتهت بسهولة واستقر أمر زوجاته عنده بعدما خيرن فاستقر أمرهن عنده، وبيوته في غاية من الاستقرار والطمأنينة والراحة.
وفي جمع النساء المتعددات مصالح لا تحصى كثيرة من الإحسان للنساء، وعفة النساء، والإنفاق على النساء، وتكثير الأمة، لو أصبح الأمر حتى على تكثير النسل ولا شك أن تعدد النساء من أسباب كثرة النسل من كثرة الأمة، ثم أيضًا فيه تآلف بين المسلمين، والتعارف بين المسلمين، إذا تزوج من هنا ومن هنا ومن هنا تعارفت القبائل، وتعارفت الأسر، وتقاربت وتعاونت على الخير.
وقد قال بعض أهل العلم: إن من الحكمة في تعدد نساء النبي ﷺ أن ذلك من أسباب تأليف القبائل، ودعوتهم للإسلام، إذا نكح من هؤلاء ومن هؤلاء صار أقرب إلى أن يقبلوا الإسلام، وهذا قد يكون بعض الحكم، فالحكم كثيرة، ولهذا أخذ من بني مخزوم وأخذ من بني أمية وأخذ من غيرهم عليه الصلاة والسلام، فالحاصل أنه ﷺ هو الأسوة ولما عدد النساء ذلك على أن التعدد سنة وقربة وطاعة وفيه خير كثير يقول الله جل وعلا: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [الأحزاب:21]، ومن جملة ذلك التعدد، فالتعدد سنة مطلوب لمن قدر عليه لمن توافرت فيه الشرط أو تيسر له ذلك، فعليه أن يفعل ذلك، وهذا قربة له وحسن أيضًا منه، وفيه مصالح للأمة، ولكن عليه أن يتقي الله في العدل، ويتجنب أسباب المشاكل حتى ينفع الأمة وينفع المسلمين، وحتى يسلم في دينه، وتبرأ ذمته إذا وفى بالعدل.
وفق الله الجميع.