وفيما سمعتم من أصحاب الفضيلة من الكلام والأدلة والترغيب والترهيب الشيء الكثير من الخير والفائدة العظيمة، ولكن هذا من باب التأكيد لما سمعتم من الخير، ومن باب الحث على الانتفاع والعمل والبعد عن الإعراض والغفلة، لا يقولن أحد منكم: إني مشغول بكذا، ما هناك شغل عن البصيرة في دين الله والتفقه في دين الله أبدًا، وليس هناك عذر، لا تعتذر بشيء أبدًا، أنت مخلوق لطاعة الله، أنت مخلوق للتفقه في دين الله، لتتعلم، لست مخلوقًا لتكون كاتبًا أو مديرًا أو كذا أو كذا أو كذا، أنت مخلوق لتعبد ربك لتطيعه بأوامره ولتنتهي عن نواهيه، ولتقف عند حدوده، ولتستعين بنعمه على طاعته ونفع عباده، فعليك أولًا قبل كل شيء أن تحقق أسباب النجاة لك بالأخذ بدين الله، والتمسك بدين الله، والتفقه في دين الله، والقيام بأمر الله، ومن ذلك أمر الوالدين، وما جاء بعد ذلك من نفع للناس في إمارة في إدارة في قضاء في أي عمل من الأعمال المباحة أو المشروعة، فأنت بعد هذا على خير، تجمع بين هذا وهذا، بين الفقه في دين الله وأداء ما أوجب الله والبصيرة في ذلك، والقيام بحق ذلك من الدعوة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وتضم إلى ذلك ما يسر الله لك من عمل تستعين به على طاعة الله، وتستغني به عما عند الناس.
أسأل الله بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، وأن يمنحنا الفقه في دينه والثبات عليه، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، وأن يوفق علماء المسلمين وطلاب العلم وسائر المسلمين جميعا في كل مكان للفقه في دين الله والبصيرة في دين الله، وإيثار حق الله على الدنيا وما فيها.