فالواجب على المكلفين في كل مكان وفي كل زمان أن ينيبوا إلى الله، وأن يرجعوا إلى ما أمرهم به من توحيده وطاعته ومعرفة شرعه، وأن يلتزموا بما أوجب عليهم، وأن ينتهوا عما حرم عليهم، وأن يقفوا عند حدود الله، وأن يتفقهوا في دين الله، لما ثبت عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، ما قال من يرد الله به خيرًا يعطى دكتوراه وماجستير وشهادة جامعية وكذا وكذا قال: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، فالتفقه في الدين هو دليل الخير، والتفقه في الدين معناه التبصر في دين الله الذي ينشأ عنه العمل الصالح، فالدليل على التفقه وأن العبد قد فقه في دين الله أن تجده مسارعًا إلى شرع الله، مواظبًا على طاعة الله، معظمًا لأحكام الله، متباعدًا عن معاصي الله، قائمًا بأمر الله سرًا وجهرًا لا يريد إلا وجه الله والدار الآخرة، هذا هو الدليل على فقهه في دين الله، وهذا الحديث في الصحيحين عن النبي عليه الصلاة والسلام: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، فالمعنى أن الذي لا يتفقه في الدين ما أراد الله به خيرًا فهو على شفا جرف، وعلى طريق هلاك، فاتق الله يا عبد الله وانتفع بما علمك الله، وسارع إلى ما يرضي الله ويقرب منه، واتهم رأيك، لا تقل أنا وأنا، ثم من حمل الدكتوراه جاهل وحمل الشهادة الابتدائية والمتوسطة والثانوية من هو أعلم وأكبر شأنا في دين الله ، ثم من البلاء العظيم ثم من البلاء العظيم أيضًا أن كثيرًا من الناس إذا حمل الدكتوراه أو الشهادة الماجستير أو الشهادة الجامعية يصعب عليه بعد ذلك أن يتعلم ويتبصر في دين الله بأن يحضر حلقات العلم، وأن يذاكر مع العلماء، وأن يراجع الكتب، ويتفقه في الدين، يشغل بهذه الشهادة ويشغل بالوظيفة وينسى كل شيء، وربما نشأ من أصل نشأته بغير علم ولا بصيرة ولا تعلم، وإنما هو في شغل الدنيا لا يتعلم سواها.
والمقصود من هذا الكلام أن الواجب التفقه في الدين، ولو كنت ابن ثمانين عامًا، ولو كنت ابن ثمانمائة عام لا تقل أنا كبير أو أنا أحمل الدكتوراه أو الشهادة الماجستير أو كذا أو كذا لا، التعلم مطلوب، والعناية بالقرآن العظيم أهم شيء، فالقرآن العظيم هو أصل كل خير، وهو ينبوع العلم، وهو سبيل الهدى، وهو الصراط المستقيم، أقبل على كتاب الله حتى تجد العلم، أقبل على كتاب الله واسأل أهل العلم عما أشكل عليك، وراجع كتب التفسير ...... الموثوقة المعروفة، وكن قريبًا من أهل العلم والإيمان، وإياك والتكبر عن التعلم، فما تكبر أحد إلا هلك، وما تواضع أحد لله إلا رفعه الله، فعليك بالتواضع والتفقه في الدين، ولو كنت أميرًا، ولو كنت قاضيًا، ولو كنت مديرًا، ولو كنت مدرسًا، التفقه في الدين مطلوب من الجميع، وفي جميع الزمان، وفي كل مكان، حتى تعرف دينك، وحتى تعرف أحكام ربك، وحتى تعلم ما يجب عليك لله ولعباده، وحتى تعرف ما حرم الله عليك.