وأما ما يتعلق بالقسم الثالث وهو العلم، المنازل للتسيير لا للتأثير، الأول والثاني يتعلق بالتأثير، كون الأفلاك العلوية لها تأثير في الحوادث السلفية هذا هو المنكر الباطل، أما النوع الثالث فهو علم التسيير، تسيير النجوم والكواكب حتى يستدل بها على أوقات البذر أوقات غراسة الأشجار، على جهة القبلة، على دخول الظهر ونحو ذلك على شبه ذلك في تمييز الفصول بعضها من بعض وتمييز الأوقات بعضها من بعض فهذا يسمى علم التسيير، وهذا لا بأس به معروف، فإن الله جعل لكل شيء وقتًا مناسبًا، وجعل سير الشمس والقمر وسير النجوم من الدلائل على هذه الأوقات التي يحتاج العباد إلى معرفة خصائصها، وما ينتفع به فيها كما يستدل بالنجوم أيضًا على البلدان وعلى مواضع المياه التي يردها الناس وعلى جهة القبلة إلى غير ذلك كما قال سبحانه: وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ [الأنعام:97]، وقال: وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ [النحل:16]، فالله جعل هذه النجوم في سيرها خصوصًا النجوم المعروفة في سيرها والنجوم التي أيضًا ثابتة فهي يستدل بها على أشياء كثيرة من أماكن البلاد، وجهات البلاد، وجهات القبلة، وجهات المياه التي يردها الناس، وما أشبه ذلك، حتى يهتدى بها ويسار على ضوئها في تلك المعالم، وفي تلك الأشياء الخفية.
الخميس ١٩ / جمادى الأولى / ١٤٤٦