ثم تلاحظون أيضًا ما نبه عليه المشايخ من جهة الرفق وعدم الشدة والعجلة والألفاظ البذيئة، فالآمر والناهي يتحرى الألفاظ الطيبة والأسلوب الحسن والرفق والحكمة، قال الله جل وعلا: فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ [آل عمران:159]، وهو رسول الله عليه الصلاة والسلام، ولما بعث الله موسى وهارون إلى فرعون اللعين قال لهما: فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى [طه:44]، قال الله سبحانه: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ[النحل:125]، وقال النبي ﷺ: من يرحم الرفق يحرم الخير كله، وقال عليه الصلاة والسلام: إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا ينزع من شيء إلا شانه، لكن من تعدى وأبى وكابر يستحق العقاب بعد ذلك إذا كابر وتعدى كما قال الله سبحانه: وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ [العنكبوت:46]، وهم اليهود والنصارى وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ [العنكبوت:46] من ظلم له شأن آخر، من ظلم ولم تجد فيه النصائح والرفق والحكمة والتوجيه إلى الخير فهذا له شأن آخر، وأسلوب آخر يردعه عن تعديه وعن مكابرته.
الجمعة ٢٠ / جمادى الأولى / ١٤٤٦