وانقسم الناس بذلك إلى أقسام من البدع، وعرفتم ما جاء في ذلك في الندوة، وهو ما قال عليه الصلاة والسلام: افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة، يعني كلها في النار إلا واحدة، وهم أتباع موسى عليه الصلاة والسلام وافترقت النصارى على ثنتين وسبعين فرقة، يعني كلها في النار إلا أتباع عيسى عليه الصلاة والسلام، قال: وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة، هؤلاء الذين انتسبوا إلى الرسول ﷺ انتسبوا إلى الإسلام وزعموا أنهم مؤمنون بمحمد عليه الصلاة والسلام وأنهم مسلمون انقسموا إلى هذه الفرق إلى ثلاث وسبعين فرقة، أما الذين ما صدقوا محمدًا ﷺ ولا انتسبوا للإسلام فهؤلاء شيء كثير لا يحصون غير داخلين في هذا التقسيم، فاليهود والنصارى وغيرهم من أصناف الكفر ليسوا من هذه الفرق، بل هم كفار مستقلون، كفار كفرهم ظاهر لا شبهة فيه، نعوذ بالله من ذلك؛ لأنهم ما صدقوا الرسول ﷺ ولا انقادوا لشرعه، بل كفروا به وأنكروه من اليهود والنصارى وغيرهم من أنواع الكفرة الذين بقوا على كفرهم ولم يسلموا هؤلاء غير داخلين في هذا التقسيم، وإنما هذا التقسيم للذين انتسبوا للإسلام، وادعوا أنهم مجيبون لمحمد ﷺ، وأنهم يشهدون أن محمدًا رسول الله، ولكنهم غيروا وبدلوا وابتدعوا في دين الله ما لم يأذن به الله، فصاروا فرقًا كثيرة كلهم متوعدة بالنار لضلالها وبدعتها وفسقها، صارت متوعدة بالنار منهم من أخرجته بدعته إلى الكفر والضلال وصار ببدعته كافرا كالجهمية عند أكثر أهل السنة، ومنهم من لا تخرجه بدعته إلى الكفر والضلال بل صار فاسقًا ضالًا مبتدعًا ولكن لم تخرجه بدعته إلى الكفر والضلال كالخوارج عند جمهور أهل السنة، فالحاصل أن هؤلاء المبتدعين أصناف كثيرة أصناف متعددة كما بينها النبي عليه الصلاة والسلام مختلفة في بدعتها وكبر بدعتها وضلالها.
ومنهم -من سمعتم في الندوة- بدعة الخوارج، بدعة المعتزلة، بدعة القدرية، بدعة الشيعة، وهم أقسام هؤلاء المبتدعة، والعصمة في ذلك هو الاستقامة على دين الله، والتمسك بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، هذه العصمة التي عليها أهل السنة والجماعة هم أصحاب النبي ﷺ وأتباعهم بإحسان، هذا هو الطريق هو ما سار عليه أصحاب النبي ﷺ بعده، وسار عليه أتباعهم بإحسان من أئمة الهدى كالتابعين واتباع التابعين، والأئمة الأربعة، وأئمة الحديث كالبخاري ومسلم وأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وأئمة الإسلام قبلهم وبعدهم، ومن سار على طريقهم في الإيمان بالقرآن واتباع ما في القرآن الكريم والسنة المطهرة الثابتة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، هذا هو سبيل الحق وسبيل الهدى، وهو الذي قال الله فيه: وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ[الأنعام:153]، وقال فيه : اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ[الفاتحة:6-7].
فالصراط المستقيم هو دين الله، هو توحيد الله والإخلاص له واتباع أوامره وترك نواهيه الواردة في القرآن العظيم وفي السنة المطهرة عن النبي عليه الصلاة والسلام، هذا هو صراط الله المستقيم، وهم المنعم عليهم أنعم الله عليهم بالعلم والعمل بالعلم النافع والعمل الصالح، هؤلاء هم أهل السنة والجماعة، وهم السالكون مسلك السلف الصالح من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام، ومن سواهم ومن حاد عن طريقهم يقال لهم: أهل بدع، ويقال لهم: فرق ضالة، التي سمعتم بعضها، والمؤمن يسأل ويتبصر إن لم يكن من أهل العلم يتبصر ويسأل عن طريق أهل السنة والجماعة عن طريق أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، وهو الذي عليه المسلمون، هذا الحق في كل مكان أهل البصائر وهو توحيد الله والإخلاص له وإفراده بالعبادة دون كل ما سواه، والاستقامة على دينه بفعل الأوامر التي جاءت في القرآن العظيم وفي السنة المطهرة وترك النواهي وتحريم ما حرم الله واستحلال ما أحله الله وتنفيذ ما أمر الله ورسوله، هذا هو دين الإسلام، وهذا طريق أهل السنة والجماعة وهذا طريق السلف الصالح.