وأنواع التوحيد أنواع العقيدة بالنسبة إلى التوحيد تنقسم إلى ثلاثة أقسام -كما سمعتم في الندوة-، وجماعها الإيمان بأنه خالق كل شيء، وأنه الرزاق، وأنه ذو الأسماء الحسنى والصفات العلا، وأنه الواحد المستحق للعبادة جل وعلا لا يستحقها سواه، ولكن من باب الاستقراء ومن باب الإيضاح قسمها العلماء إلى أقسام ثلاثة حتى يتضح الأمر للخاصة والعامة، الأول: توحيد الربوبية، وأنه الخلاق الرزاق جل وعلا الذي خلق العباد ورزقهم ودبر أمورهم وشؤونهم ، خلق كافرهم ومسلمهم، خلق كل شيء، الله خالق كل شيء ، هذا التوحيد وهذا النوع أقر به المشركون، أقرت به قريش في مكة وغيرهم من كفار العرب يعلمون أن الله خالقهم ورازقهم ومدبر شؤونهم كما قال سبحانه: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ[الزخرف:87]، هم يعلمون أن الله خالقهم ورازقهم، ولكن لم ينفعهم هذا لما كذبوا الرسول ﷺ، وأنكروا ما جاء به، ولم يعبدوا الله وحده، لم ينفعهم هذا الإقرار، فالإقرار بأنه الخلاق وأنه الرزاق لا يكفي، بل لا بد مع ذلك من نوع ثان وهو إخلاص العبادة لله عز وجل، وألا يعبد إلا الله وحده سبحانه وتعالى، وهو معنى لا إله إلا الله، هذا أنكره المشركون وأبوا وعبدوا مع الله الأصنام والأوثان والأشجار والأحجار، فقاتلهم النبي ﷺ واستحل دماءهم وأموالهم حتى يعبدوا الله وحده حتى يخصوا الله بالعبادة، ولما قال لهم: «قولوا لا إله إلا الله»، قالوا: أجعل الآلهة إلهًا واحدًا إن هذا لشيء عجاب، وقالوا فيما ذكر الله عنهم: أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ[الصافات:36]، فأنكروا هذا ولم يخضعوا لعبادة الله وحده سبحانه وتعالى، وقاتلوا النبي ﷺ في بدر وأحد والخندق وهم يعلمون أن الله خالقهم وارزقهم ولكنهم استكبروا أن يعبدوه وحده وأن يخصوه بالعبادة، وكذلك كذبوا نبيهم صلى الله عليه وسلم وأنكروا رسالته ولم يؤمنوا بما جاء به عليه الصلاة والسلام، فصاروا بهذا كفارًا لتكذيبهم الرسول ﷺ ولعبادتهم الآلهة مع الله ، فصار كفرهم من الجهتين: من جهة عبادة غير الله، ومن جهة تكذيبهم رسول الله عليه الصلاة والسلام وقتالهم إياه وجحدهم ما جاء به من الهدى عليه الصلاة والسلام.
وهكذا النوع الثالث: وهو توحيد الأسماء والصفات، وهو الإيمان بأسماء الله وصفاته، وأنها حق، وأنها مختصة بالله عز وجل، يجب أن تكون لله وحده، ما جاء في القرآن من أسماء الله وصفاته وما جاء في السنة الصحيحة عن الرسول ﷺ من صفات الله يجب أن يكون لله وحده، وأن يكون له فيه الكمال لا يشابه فيه شيء ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ [الشورى:11]، فيجب الإيمان بذلك وإقراره وإثباته لله وحده، وعدم إنكاره ونفيه.