بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة العظيمة القيمة التي تولاها أصحاب الفضيلة: الشيخ عبدالرحمن بن حماد العمر، والشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ، والشيخ محمد بن عثمان. وهذه الندوة لها شأنها العظيم في هذا الموضوع، موضوع جدير بالعناية كما بين المشايخ، وقد بلي الناس من دهر طويل بهذا البلاء، وهو موالاة أعداء الله ومحبتهم، إلا من رحم الله، وقد بين المشايخ ما يلزم في هذا الموضوع بيانًا شافيًا، جزاهم الله خيرًا، وزادنا وإياكم وإياهم علمًا وهدى وتوفيقًا، ومن علينا جميعًا بالعلم النافع والعمل الصالح، ونفعنا جميعًا بما علمنا وسمعنا.
لا ريب أن الواجب على المسلمين الحب في الله والبغض في الله، وموالاة أولياء الله، ومعاداة أعداء الله، هذا أمر واضح من كتاب الله عز وجل، ومن سنة نبيه ﷺ وسيرته وسيرة أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم وسيرة أتباعهم بإحسان، ومن تدبر القرآن وعني بهذا الأمر وجد ذلك واضحًا، كما سمعتم في الآيات الكريمات، ومن ذلك قوله : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ [المائدة:51]، ومن ذلك قوله جل وعلا: لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ [آل عمران:28]، ومن هذا قوله سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتَابِ كُلِّهِ وَإِذَا لَقُوكُمْ قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ [آل عمران:118-120].
فأعداء الله سواء كانوا يهودًا أو نصارى أو وثنيين أو شيوعيين أو غير ذلك كلهم يسرهم ما يضرنا، ويسوؤهم ما ينفعنا، كلهم أعداء، لكن متى وفق المسلمون لبغضهم في الله ومعاداتهم في الله وصبرهم وتقواهم لم يضرهم كيدهم، وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا [آل عمران:120]. فالواجب هو بغضهم في الله، ومعاداتهم في الله، وعدم موالاتهم، مع الصدق في ذلك، والصبر والتقوى على جهادهم، وعدم موالاتهم، وبغضهم في الله ، والله سبحانه يحمي المسلمين ويكفي شرهم إذا صدق المسلمون في معاداتهم وفي بغضهم في الله .
والواجب على المؤمنين أينما كانوا مع أعداء الله بغضهم في الله ومعاداتهم في الله، سواء كانوا حربًا أو سلمًا، إن كانوا حربًا لنا وبيننا وبينهم الجهاد صارت مساعدتهم بالقليل أو بالكثير ردة عن الإسلام ومظاهرة لأعداء الله كما يقول سبحانه: وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [المائدة:51]، فمظاهرة الكفار ومساعدتهم ضد المسلمين هذا من نواقض الإسلام عند جميع العلماء.