ولما بعث النبي ﷺ عليًا إلى خيبر يدعوهم إلى الله قال له: فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم، يعني خير لك من جميع ما على الدنيا من ناقة حمراء، يعني خير لك من الدنيا وما عليها، شبه بالنعم الحمر؛ لأنها أشرف أموال العرب، يبين ﷺ أن المقصود من الجهاد والدعوة هداية الناس، ليس المقصود قتلهم، وليس المقصود أخذ أموالهم، وليس المقصود سبي نسائهم وذرياتهم، وإنما المقصود من الدعوة والجهاد هدايتهم وتوجيههم إلى الخير، وإنقاذهم مما هم فيه من الباطل، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، هذا المقصود.
فينبغي للداعي إلى الله والمجاهد في سبيله أن تكون نيته على هذا الوجه، وأن يقصد بجهاده وعمله وجه الله، والدار الآخرة، وإنقاذ إخوانه مما هم فيه من الباطل، وإخراجهم من الظلمات إلى النور، هكذا مع أسرته، مع أولاده وزوجته، مع جيرانه، مع أصدقائه وجلسائه، يحرص على إنقاذهم مما يقع بينهم من الباطل، يحرص أن يوجههم إلى الخير، وأن يشجعهم عليه، ويصبر على الأذى في ذلك، لا بد من الصبر كما صبر الرسل، فسلعة الله غالية وهي الجنة، تحتاج إلى علم، وإلى عمل، وإلى صبر، كذلك الحذر من النار وعذابها يحتاج إلى صبر، إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب.