بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله، وأصحابه، ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه المحاضرة القيمة المباركة التي قام بها صاحب الفضيلة الشيخ محمد بن حسن الدريعي في موضوع عظيم وموضوع خطير ألا وهو موضوع الاختلاط، وقد أفاض في ذلك وأجاد وأفاد وأبان ما ينبغي إيضاحه في هذا الموضوع الجدير بالعناية، فجزاه الله خيرًا، وضاعف مثوبته، وزادنا وإياكم وإياه علمًا وهدى وتوفيقا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا.
لا شك أن هذا الموضوع الذي طرقه المحاضر وتكلم فيه موضوع جدير بالعناية، وهو موضوع الساعة، وقد سمعتم من المحاضرة ما فيه الكفاية والخير، فهي محاضرة بحمد الله وافية، وقد عني بها من ألقاها، وأبان شدة الخطر في الاختلاط، وما فيه من النتائج الخطيرة والعواقب الوخيمة، وكل من له أدنى بصيرة بالشرع أو بالواقع يعلم عظم الخطر في الاختلاط، ويعلم ما وضع الله بين الرجال والنساء من ميل هذا لهذا وهذا لهذا، ويعلم من نفسه ما هو معروف إذا كان ممن له ميل للنساء، والله عز وجل جعل لكل صنف من الرجال والنساء ما يليق به، فللرجال ميدان، وللنساء ميدان، ولما قالت عائشة رضي الله عنها وأرضاها: يا رسول الله! نرى الجهاد أفضل الأعمال، قال: عليكن جهاد لا قتال فيه: الحج والعمرة. فالمرأة لها ميدان معروف.
وقد سمعتم من الآيات الكريمات والأحاديث النبوية شيئًا من ذلك، وللرجال ميدان كذلك سمعتم من الآيات والأحاديث شيئًا من ذلك، فمن يعاكس ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ويريد أن يخلط هؤلاء بهؤلاء وأن يعرض عما قاله الله ورسوله فقد أراد الفساد في الأرض، وأراد أن يكون المجتمع مجتمعًا بهيميًا، لا يفرق بين الحلال والحرام، ولا بين الخير والشر، ولا بين الضار والنافع، ولا بين العفة والفحشاء، ولا بين الهدى والضلال، فالواجب التمييز كما ميز الله ، وأن يكون للرجال ميدانهم وللنساء ميدانهن.