ومن النصح للرسول ﷺ الإيمان الصادق بأنه رسول الله حقًا، وأن الله أرسله رحمة للعالمين، وأنه رسول الله إلى الجن والإنس أجمعين، وأنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين من ربه، فالمؤمن يؤمن بهذا، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم هو الموصوف بهذه الصفات عليه الصلاة والسلام، ثم نتيجة هذا الإيمان يكون حريصًا على اتباع سنته وتعظيمها والانقياد لها ومحبته لها وتبليغها للناس والسير عليها؛ لأنه أرسل إلى الأمة ليبلغها، ولتعمل بما جاء به عليه الصلاة والسلام، وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ [الأنبياء:107]، فالله أرسله رحمة للعالمين؛ ليرشدهم إلى أسباب النجاة، وليحذرهم من أسباب الهلاك، وليبلغهم رسالة ربه وأحكام شريعته.
فعلى المؤمن والمؤمنة النصح للرسول ﷺ باتباع شرعه والعناية بذلك والتبليغ لذلك، ونصيحة الناس في ذلك، وأن يعمل بما ثبت من سنته، ويحافظ على ذلك حتى يلقى ربه ، وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى [النجم:1-4].
فهو عليه الصلاة والسلام بلغ وحي الله وعلم عباد الله ما أمر الله به، فعلى الأمة رجالها ونسائها وأحرارها وعبيدها وعربها وعجمها وأغنيائها وفقرائها وحكامها ومحكوميها عليهم أن يلتزموا بهذه الشريعة التي بلغهم إياها عليه الصلاة والسلام، وأن يعملوا بها، وأن يعلموها الناس، وأن يحكموها بينهم، فالحلال ما أحله الله ورسوله، والحرام ما حرمه الله ورسوله، والدين ما شرعه الله ورسوله، وليس لأحد أن يخرج عن ذلك لا حاكم ولا محكوم ولا عرب ولا عجم ولا أغنياء ولا فقراء، عليهم جميعًا أن ينقادوا لهذه الشريعة التي جاء بها عليه الصلاة والسلام، وأن يحكموها في الناس، وأن يصبروا عليها بصدر منشرح، بقلب مطمئن، برغبة كاملة، ومحبة صادقة، وإيمان بأن الخير كله فيها، وأن ما خرج عنها فهو الهلاك والدمار، فهي كما قال سلف الأمة: هي السفينة، مثل سفينة نوح التي ركب فيها ومن معه فنجا من فيها وهلك من بقي في الأرض، فهذه السفينة هي شريعة الله التي جاء بها رسوله عليه الصلاة والسلام فمن أخذ بها واستقام عليها نجا، ومن حاد عنها هلك؛ وإن تزخرفت له الدنيا، وإن كان من الأغنياء، وإن كان من الرؤساء؛ فهو هالك في الدنيا والآخرة، وإن خفي هلاكه في الدنيا لما عنده من المال والرياسة ونحو ذلك، لكن ذلك مسلوب زائل، وما في قلبه من القلق والفساد والشر والضيق والحرج فهو عذاب معجل، وإن خفي على كثير من الناس، فهذه الشريعة العظيمة هي طريق النجاة، وهي سبيل السعادة، وهي الصراط المستقيم.