فأعظم النصيحة النصيحة لله فيما يتعلق بأساس الملة ورأس الدين، وذلك شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، فيكون المسلم صادقًا في ذلك، أعماله في غاية الإخلاص له، في غاية التصديق لرسوله عليه الصلاة والسلام، والإيمان به، فهو يعمل عن إخلاص كامل لله في كل أعماله، وعن تصديق كامل لنبيه ورسوله محمد عليه الصلاة والسلام، لا رياء، ولا سمعة، ولا لطلب الدنيا، ولا لحمد الناس وثنائهم، ولا لمقاصد أخرى، ولكنه يعمل لله وحده، ويصدق رسوله في كل شيء عليه الصلاة والسلام، فإن صلى صلى صلاة الصادقين، وإن صام صام صوم الصادقين، وهكذا، وفي أعماله في غاية من الإخلاص لله والصدق في أداء العمل، وهو يتذكر ما أوجب الله عليه في ذلك ويتحرى أداء العمل بغاية الإتقان والكمال، يرجو ثواب الله ويخشى عقاب الله؛ حتى لا يكون في العمل خلط، بل يكون العمل كاملًا سليمًا ناصحًا خالصًا لا خلط فيه ولا شبهة فيه، وبذلك تنمو الأعمال وتزكو وتعمر القلوب بالتقوى، ويستقيم العبد على دين الله بسبب صدقه في إخلاصه وصدقه في إيمانه بالله ورسوله.
ولا يختص هذا بعمل دون عمل، بل بجميع الأعمال، ينصح فيها لله سبحانه وتعالى في عباداته وفي معاملاته لعباد الله، فهو أينما كان فهو ناصح لله، ناصح للكتاب العزيز، ناصح للرسول، ناصح للأئمة، ناصح لعامة الناس، لا يخطر بباله خلاف ذلك، ومتى خطر جاهده لله وطرد ما يخطر في باله من رياء أو غش أو خيانة أو غير ذلك، وهو مجاهد في أعماله وأقواله وسائر تصرفاته حتى يؤديها على الوجه الأكمل من النصح والإخلاص والصدق، وأعظم ذلك ما يتعلق بالله في إخلاصه له وتقربه إليه ومحبته له وإيمانه به وبرسوله عليه الصلاة والسلام، فتصدر الأعمال منه عن غاية من الإخلاص، وعن غاية من الإيمان، والصدق والمحبة لله ولما جاء به رسوله عليه الصلاة والسلام، والإقبال على ذلك، والانقياد له، والمحبة له، والأنس به، والسرور بما يقربه لله ويتقدم به من طاعة ربه .