بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله، وأصحابه، ومن اهتدى بهداه. أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها أصحاب الفضيلة: الشيخ عبدالعزيز بن مسند، والشيخ إبراهيم الخضيري، والشيخ يوسف المطلق، فيما يتعلق بالعمال ما لهم وما عليهم، ولقد أوضح المشايخ الكثير مما يجب في شأن العمال، وأجادوا وأفادوا، جزاهم الله خيرًا، وضاعف مثوبتهم، وزادنا وإياكم وإياهم علمًا وهدى وتوفيقًا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا، ووفق المسلمين للاستفادة من مثل هذه الندوات التي توجههم وتنفعهم وترشدهم إلى ما فيه الصلاح والخير في العاجل والآجل.
ولا ريب أن موضوع العمال موضوع عظيم الخطر جدير بالعناية من جميع المسلمين من الدولة ومن دون الدولة، ولقد حصل من الضرر باستقدام الكفرة ما لا يخفى على كل من له أدنى معرفة بأحوال الناس، ولقد سمعتم من المشايخ ما في استقدام الكفرة من المضار الكثيرة.
وسمعتم أيضًا ما يجب من العامل وما يجب على العامل، فالعمال لهم حقوق وعليهم حقوق، سواء كانوا مسلمين أو غير مسلمين، والعمل مطلوب من المسلم ومن غير المسلم، ولكن المقصود والبحث هو ما يتعلق بالمسلم؛ لأن على المسلمين أن ينصحوا إخوانهم وأن يوجههم قبل غيرهم كما يوجهون الكفار أيضًا إلى الدخول في الإسلام وإلى التزامه والقيام بما فيه من الخير العظيم وترك ما هم عليه من الباطل، والله سبحانه شرع للمسلمين أن يعملوا وأن يطلبوا الكسب الحلال، وأن يبتعدوا عن المكاسب الخبيثة، وهذا واجب على المسلمين، ولهذا يقول الله : وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ [التوبة:105]، وهذا الأمر يشمل عمل الآخرة وعمل الدنيا الذي يعينهم على عمل الآخرة، فإن أعمال الآخرة تحتاج إلى ما يعين عليها من الكسب الحلال والقوة على أداء العمل والتفقه في الدين والتبصر، فالمسلم في حاجة إلى أن يعمل بطاعة الله وترك معاصيه، وفي حاجة إلى أن يعمل بالكسب الحلال، وما يعينه على أداء الواجب، والاستغناء عما في أيدي الناس، وفي حاجة إلى أن يعمل لحفظ صحته ودفع الشر عنه، وقد ثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: ما أكل أحد طعامًا أفضل من أن يأكل من عمل يده، وإن نبي الله داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل من عمل يده خرجه البخاري في الصحيح. هذا يدل على عظم فضل العمل الحلال، وأنه ما أكل أحد طعامًا قط أفضل من أن يأكل من عمل يده من حراثة أو نجارة أو خرازة أو أي عمل، وإن نبي الله داود عليه الصلاة والسلام كان يأكل من عمل يده، كان يصنع الدروع الحدادة وهي في نظر بعض الناس صنعة دون، ولكن نبي الله كان يصنع الدروع، ويأكل من عمل يده عليه الصلاة والسلام، وفي الحدادة من الفوائد العظيمة للمسلمين ما لا يحصى صناعة السيوف وصناعة البنادق وصناعة المدافع وغير ذلك من أنواع ما يحتاجه الناس كالدروع وغيره.
وكان زكريا فيما جاء به الحديث كان نجارًا، وهو نبي الله عليه الصلاة والسلام، فالصنعة لها شأن عظيم، ولما سئل عليه الصلاة والسلام: أي الكسب أطيب؟ قال: «عمل الرجل بيده، وكل بيع مبرور» عمل الرجل بيده قدمه على البيع مع أن البيع من العمل أيضًا، وكل بيع مبرور، فالتجارة الصالحة البعيدة عن الربا والغش والخيانات عمل مبرور، كما في الحديث الآخر يقول ﷺ: التاجر المسلم الصدوق الأمين يحشر مع النبيين والصديقين، أو كما قال عليه الصلاة والسلام، وجاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام فيما رواه الشيخان يقول ﷺ: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة يقول الله : ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة رجل أعطى بي ثم غدر عاهد الله ثم غدر بالعهد نعوذ بالله، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه استعبده وباعه على أنه عبد وهو حر، والثالث" رجل استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره هذا من الكبائر العظيمة نسأل الله العافية.
وثبت في الصحيح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير ثم قال عليه الصلاة والسلام: احرص على ما ينفعك واستعن بالله هذا العمل احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن، وإن أصابك شيء فلا تقل: لو أني فعلت لكان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان رواه مسلم في الصحيح. فأمر بالحرص على ما ينفع، وهذا هو العمل مع الاستعانة بالله لا يغفل، فإن الله هو الموفق وهو المعين ...... والمكاسب والأعمال لا تحصى، يجمعها كل عمل مباح، وكل كسب مباح ينفع الناس ينفع المسلمين ينفع العباد، وهذا شيء لا ينحصر فيه الزراعة في أنواع الصناعات في التجارة في النجارة في أنواع لا تحصى فيما ينفع الناس استخراج المياه للناس استخراج البترول إلى غير هذا مما ينفع الناس المعادن على كثرة أنواعها استخراجها عمل.