أهمية الإعداد للعدو.. والحرص على دعوتهم إلى الإسلام

وأما ما يتعلق بالإعداد لهم فهذا أمر واجب، وكذلك أخذ الحرز أمر واجب في الحرب والشدة جميعًا، كما قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ [النساء:71]، وقال : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60]، فالإعداد لهم التأهب لهم وأخذ الحرز منهم؛ حتى لا يغتنموا غرة لنا، هذا أمر واجب على ولاة أمور المسلمين أن يعدوا لأعدائهم ما يستطيعون، وأن يتأهبوا للجهاد، وأن يحذروا مغبة التساهل، فإن الأعداء لا يؤمنون أبدًا، ولهذا يقول : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ [النساء:71]، ويقول : وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ [الأنفال:60] هذا هو الواجب على المسلمين أينما كانوا.

ثم هذه البغضاء وهذه العداوة بيننا وبينهم لا تمنع من الدعوة لهم والحرص على هدايتهم، فيبعث إليهم الدعاة والموجهون إلى الخير؛ لعل الله يخرجهم من الظلمات إلى النور، وقد كان النبي ﷺ يبعث الرسل والكتب للدعوة إلى الله ، وهكذا كان أصحابه رضي الله عنهم وأرضاهم، فالدعوة إلى الله وإرشاد الناس إلى ما خلقوا له أمر مطلوب، وإن كانوا أعداء، وإن كانوا حربًا لنا، فدعوتهم إلى الله وترغيبهم في الإسلام أمر مطلوب، وقد بعث النبي ﷺ عليًا إلى اليهود في خيبر وقال له: ادعهم إلى الإسلام واخبرهم بما يجب عليهم من حق الله تعالى فيه، فوالله لأن يهدي الله بك رجلًا واحدًا خير لك من حمر النعم، يعني خير لك من جميع ما على الأرض من ناقة حمراء؛ لأن العرب تعظم النوق الحمر، والمعنى خير لك من الدنيا وما عليها.

وليعلم أعداء الله أن جهادنا لهم وأن عداوتنا لهم وأن بغضنا لهم إنما هو لدخولهم في الإسلام ولرجاء أن ينجيهم الله مما هم فيه من الباطل، فليس لأنساب ولا لأموال، ولكن نبغضهم في الله لما هم عليه من الباطل، فإذا دعوناهم عرفوا أن المقصود هو هدايتهم وخروجهم مما هم فيه من الباطل، فكان هذا حافزًا لهم إلى الاستجابة والدخول في الحق.

وقد يظن بعض الناس أن المقصود نساءهم أو أموالهم فيصعب عليه الدخول في الإسلام وتشتد عداوته، فإذا عرف أن المسلمين إنما قصدوا من جهادهم دعوتهم إلى الخير وإنقاذهم مما هم فيه من الباطل وإخراجهم من الظلمات إلى النور كان هذا أقرب إلى أن يدخلوا في الإسلام، وأن يستجيبوا لداعي الحق، وأن يدعوا ما هم عليه من الباطل، فالمال والنساء والذرية يؤخذون تبعًا إذا صمم الكفار على باطلهم وامتنعوا من الدخول في دين الله، فحينئذ المسلمون يقاتلونهم، فإذا ظهروا عليهم فقد أباح الله لهم نسائهم وأموالهم وذرياتهم، المال غنيمة، والنساء والذرية كذلك أسرى غنيمة للمسلمين، إعانة للمسلمين على الخير والحق، وإضعاف لشوكة الكافرين، وليحذر غيرهم من ذلك، حتى يدخلوا في دين الله .

وإن أجابوا لداعي الله ودخلوا في دين الله بقيت لهم أموالهم وذرياتهم ونسائهم، وفازوا بالسعادة والنجاة في الدنيا والآخرة، وأخرجهم الله من الظلمات إلى النور.

فالواجب على أهل الإسلام دائمًا دائمًا أن يتمسكوا بدينهم، وأن يعظموه، وألا يتساهلوا فيه من أجل الكفرة أو من أجل مراعاة العصاة، بل يجب على المؤمن أن يتمسك بدينه ويستقيم عليه ويعظم أمر الله ونهيه؛ حتى يعلم أعداء الله .......، وحتى يستفيد العاصي من ذلك فيتأسى بأهل الخير، فإذا تساهل في دينه صار ذلك من الدعاية التي تنصر الأعداء وتفرح الأعداء، وإذا رأى الأعداء تمسك المؤمنين بدينهم واستقامتهم عليه وتحكيمهم لشريعة ربهم وصبرهم على ذلك كان هذا مما يدعوهم إلى الدخول في دين الله، ويدعوهم إلى أن يعلموا أن المسلمين صادقون، وأنهم يمثلون دينهم أحسن تمثيل، بخلاف من أساء للإسلام وأظهر الشر والفساد فإنه سبة على دين الله، وحجة لأعداء الله على المسلمين، فيقول هؤلاء: المسلمين فعلوا وفعلوا وفعلوا.