ثم ما قد يقع مما أشار إليه أحد المشايخ من التعزية لبعضهم والتهنئة بما يقع عندهم من اجتماعات في أعياد وطنية أو غير ذلك فهذه للعلماء فيها نزاع عظيم، وللعلماء فيها أقوال ثلاثة: منهم من منع ذلك، ومنهم أجاز ذلك، ومنهم من فصل وقال: إن كانت هناك مصلحة يراها ولي الأمر ودفعًا للشر وجلبًا للخير جاز له ذلك في التهنئة أو عيادة المريض أو التعزية أو نحو ذلك إذا كان يرى من ذلك خير للمسلمين ودفعًا لشر الأعداء ونحو ذلك، ولا يقصدوا موافقتهم على باطلهم، وإنما أراد بذلك نفعًا للمسلمين وحماية للمسلمين من كيد الأعداء وحرصًا على دفع شرهم أو دخولهم في دين الله جاز ذلك. وهذا القول الوسط هو أعدل الأقوال وأقربها، وهو النظر في المصالح والمفاسد، فإذا دعت المصلحة إلى ذلك جازت التعزية وعيادة المريض والتهنئة إذا كان لمصلحة المسلمين لا لحب الباطل ولا لبغض الحق، وإلا فلا.
ومن كونه عاد ﷺ اليهودي الذي كان يخدمه عاده مريضًا لعل الله يهديه على يديه، فلما دعاه للإسلام نظر إلى أبيه فقال أبوه: أطع أبا القاسم، فشهد ألا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله، وهداه الله على يديه، وخرج ﷺ يقول: الحمد لله الذي أنقذه من النار. وهكذا لما زار عمه أبا طالب في مرضه ودعاه إلى دين الله ونحو ذلك. وهذا القول الوسط اختاره أبو العباس ابن تيمية وجماعة، وقالوا: ينظر على ولي الأمر أن ينظر ما في المصالح والمفاسد، فما كان فيه مصلحة للمسلمين وجلب الخير إليهم ودفعًا للشر عنهم جاز، وإلا فلا.
ونسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن ينصر دينه ويعلي كلمته، وأن يكفينا شر الأعداء، وأن يعيذنا من مكائدهم، وأن ينصر المسلمين عليهم.