فعلينا جميعًا أن نعنى بهذا الأمر بأنفسنا، وفي بيوتنا، ومع جيراننا وإخواننا ومعارفنا، ومع كل مسلم، نطقًا باللسان، وعملًا بالجوارح، وكتابة بالقلم لمن استطاع ذلك، فالخطيب عليه واجبه، والأمير عليه واجبه، والعالم عليه واجبه، أينما كان والمسلم عليه واجبه، أينما كان، والله يقول سبحانه: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].
وسمعتم الحديث يقول النبي عليه الصلاة والسلام: من رأى منكم فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان رواه مسلم في صحيحه من حديث أبي سعيد الخدري .
وثبت أيضًا عنه عليه الصلاة والسلام من حديث ابن مسعود عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال: ما بعث الله من نبي في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره، ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن، وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل، فالأمر عظيم وواضح وخطير؛ لكن من وفقه الله يسره الله عليه، وهذا من أبرز صفات المؤمنين والمؤمنات، ومن أعظم صفات المؤمنين والمؤمنات، يقول الله في سورة براءة -سورة التوبة-: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة:71]، هذا واجب المؤمنين، وهذا واجب المؤمنات، وهذه صفاتهم العظيمة التي علق الله عليها الرحمة والجنة، أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ [التوبة:71]، من رحمته لهم أن يوفقهم لطاعته، وأن يهديهم لما يرضيه، وأن يحسن لهم الختام حتى يدخلوا الجنة وينجوا من النار، ولهذا قال بعدها: وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:72].