الحث على صلة الرحم والتحذير من القطيعة

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها أصحاب الفضيلة: الشيخ عبدالله ...... في موضوع صلة الرحم وقطيعة الرحم، وقد أجادوا وأفادوا، جزاهم الله خيرًا، وضاعف مثوبتهم، وبينوا ما ينبغي إيضاحه في هذه المسألة التي لها من الأهمية ما هو معلوم، وقد عمت البلوى في كثير من الناس بالقطيعة، وعدم العناية بالصلة، ولا شك أن ذلك خطر عظيم، ومنكر يجب تلافيه، ونسأل الله جلا وعلا أن يزيدنا وإياكم وإياهم علمًا وهدى وتوفيقًا، وأن يجزيهم عما قدموا أجرًا جزيلًا.

أيها الإخوة في الله: إن صلة الرحم من أهم الواجبات، ومن أعظم أسباب صلاح القلوب، وصفائها، وزوال الوحشة والشحناء، وتقارب الأقارب، وتعاونهم في الخير، أما القطيعة فهي منكر عظيم، ومن كبائر الذنوب، ولها عواقب وخيمة، وشر كبير في تفرقة القلوب، وتفريق الجماعة والتباغض، وعدم التعاون على البر والتقوى، وقد ورد فيها من الآيات والأحاديث ما سمعتم، وغير ذلك مما لم تسمعوا.

فصلة الرحم فوائدها كثيرة كما سمعتم من المشايخ، وقطيعة الرحم عواقبها وخيمة، وآثارها السيئة لا تحصر، فالواجب على كل مسلم ومسلمة التباعد عن القطيعة، والحرص على صلة الرحم، وعدم التأثر بالأشياء التي يثيرها بعض الناس، أو ينقلها بعض الناس في قطع الرحم، ولو لم يكن في قطيعة الرحم إلا قوله : فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23]، لو لم يكن في القطيعة إلا هذه الآية لكانت كافية وواعظة، هذه الآية العظيمة لو لم ينزل في قطيعة الرحم إلا هذه الآية لكانت كافية لأهل الإيمان رجالًا ونساء في البعد عن القطيعة والحذر منها، والتواصي بتركها، كيف وهناك آيات كثيرات، وهناك أحاديث، كلها تحذر من القطيعة، فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ ۝ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ [محمد:22-23]، هذا وعيد عظيم، وعقوبة شنيعة توجب لكل ذي لب ولكل ذي أدنى بصيرة أن يحذر هذا الذنب العظيم، وأن يتباعد عنه.

وهكذا قوله جل وعلا: وَالَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ أُولَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ [الرعد:25]، هذا أيضًا تحذير شديد ووعيد أكيد وخطر عظيم على القاطعين.

وسمعتم قوله ﷺ فيما ذكره المشايخ يقول ﷺ: لا يدخل الجنة قاطع رحم، وهذا أيضًا وعيد يجب الحذر من أسبابه، وفي الحديث الصحيح أيضًا عن النبي ﷺ أنه قال: لما خلق الله الرحم قالت: يا رب هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال لها الرب : ألا ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك، قالت: بلى، قالت: فذلك لكِ، وفي اللفظ الآخر قال: من وصلها وصلته، ومن قطعها بتته، وهذا كذلك وعيد عظيم يوجب الحذر.