بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وخليله وأمينه على وحيه، وصفوته من خلقه، نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:
فعنوان الكلمة مثلما سمعتم هي واجب الشباب، وأقول: إني أشكر الله على ما من به من هذا اللقاء لإخوة في الله وأبناء أعزاء، وأسأل الله عز وجل أن يجعله لقاء مباركًا، وأن يصلح قلوبنا وأعمالنا، وأن ينفعنا بما نقول وبما نسمع وبما نعلم، وأن يعيذنا من مضلات الفتن ...... إنه خير مسؤول، ثم أشكر القائمين على النادي على دعوتي لهذا اللقاء، وأسأل الله أن يبارك فيهم ويعينهم على مهمتهم، ويجعلنا وإياهم هداة مهتدين، إنه سميع قريب، لما كان الشباب في الغالب يفوته أشياء من العلم والتجارب وهو في الأصل قد خلقه الله عز وجل لا يعلم شيئًا هكذا بنو آدم، قال تعالى: وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [النحل:78]، هذا هو الأصل في بني آدم عدم العلم، ثم يعلمهم الله سبحانه وتعالى، فالله أعطاهم السمع والبصر والفؤاد وهو العقل، ويطلق عليه القلب ليعقلوا ويفهموا ويتأدبوا ويستفيدوا، ولهذا قال قليلا ما وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لَا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [النحل:78]، فهذه مواد وأدوات يستعان بها على شكر الله عز وجل، فالسمع لما يسمع والبصر لما يرى، والقلب وهو الفؤاد ويطلق عليه العقل لما يلقيه إليه السمع والبصر، فهو يتعقل وينظر ويفهم ما جاءه ووصل إليه من طريق السمع ومن طريق البصر، والعقل من صفات القلب وله صلة بالدماغ قال جل وعلا: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِنْ تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ [الحج:46]، فالقلوب هي الأفئدة، وهي التي يعقل بها الأمور، فتدرس وتتأمل ما يصل إليها من طريق السمع، ومن طريق البصر، ثم تحكم بعد ذلك على حسب علمها، وعلى حسب ما لديها من علوم وتجارب على ما وصل إليها من طريق السمع والبصر.
والشباب أحوج الناس إلى التثقيف والتفهيم، وأحوج الناس إلى أن يوجهوا إلى ما فيه سعادة المجتمع ونجاة المجتمع وصلاحه مع سعادتهم أنفسهم وصلاحهم أنفسهم، وإن كان الواجب على الشيب والشباب واحدًا، فإن الواجب على الشيب أيضًا أن يتفقهوا وأن يتعلموا، وأن يقوموا بما أوجب الله، وأن يدعوا ما حرم الله، ليس هذا خاصًا بالشيب ولا بالشباب، بل هو عام، ولكن الشيب في الأغلب والكهول قد تعلموا وجربوا وعندهم ملكة ومعارف يستطيعون بواسطة أن يقوموا بما يستطيعون من أسباب صلاح المجتمع، ومن أسباب نجاتهم وسعادتهم في أنفسهم، ولهذا خص الشباب بالقيام معهم في واجبهم حتى يتعاونوا مع الشيب فيما يصلح الأمة، ويرفع مستواها، ويدعم أسباب صلاحها ونجاتها في العاجل والآجل، ومتى وفق الشباب للتعاون مع الشيب وشد أزرهم والاستفادة من تجاربهم ومعارفهم فيما فيه صلاح النفوس وسلامتها وقيامها بأمر الله، ولما فيه صلاح المجتمع كله في أمر الدين والدنيا تمت السعادة واستقامت الأحوال وصلح المجتمع، والشباب هم أمل الأمة، وهم عمادها بعد الله في دعم المجتمع وتوجيه المجتمع وتنشيطه على كل خير، وشد أزر من مضى قبلهم من الآباء والأعمام، ومن ساروا في المجتمع إلى ما يفهمون ويعقلون، فقد يكون ذلك سببًا كاملًا ومستقيمًا، وقد يكون ناقصًا وضعيفًا بحسب ما لدى الجيل الأول من علوم ومعارف، وما لديهم من إيمان وقوة بصيرة إلى غير ذلك.