فالعبادات إنما تكون عبادات بأمرين: أحدهما إخلاص لله ، وإيمان به، وبما أخبر به ، وبما أخبر به رسوله محمد عليه الصلاة والسلام، والثاني متابعة للرسول ﷺ، وإيمان بأنه رسول الله عليه الصلاة والسلام، واتباع لشريعته قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ [آل عمران:31]، قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ [الأعراف:158]، فلا عبادة ولا إيمان ولا إسلام ولا تقوى إلا بإيمان بالله ورسوله، وإخلاص لله في العبادة، وصدق في متابعة الرسول ﷺ، وانقياد لشرعه، فإذا أخلص لله وآمن بالله وانقاد لأمر الله وصدق في متابعة رسول الله ﷺصار بذلك مؤمنًا مسلمًا تقيًا برًا، لكونه أخلص لله، وآمن به، وتابع رسوله عليه الصلاة والسلام في أداء الواجبات، وترك المحارم، والوقوف عند حدود الله، والرغبة فيما عند الله، والحذر من عقوبته وغضبه ، وقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين متفق على صحته.
فعلم بهذا أن من علامات الخير ومن علامات السعادة أن تفقه في دين الله، وأن تتبصر، وأن تكون على بينة في دينك، ومن علامات الخذلان ومن دلائل عدم التوفيق الرضا بالجهل والغفلة عن الله وعن رسوله وعن دينه من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين، أي يبصره في دينه، يجعله فقيها في الدين، يعرف ما شرعه الله، وما أمر الله به، ويؤمن بالله على بصيرة، ويعبده على بصيرة، ويترك ما نهى الله عنه على بصيرة، وقال عليه الصلاة والسلام: من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله به طريقًا إلى الجنة رواه مسلم في الصحيح، هذا خير عظيم أنك متى أردت العلم وطلبته فأنت في طريق الجنة في طريق السعادة، ولكن هذا لا بد فيه من الإخلاص لله، لا بد أن تكون في طلبك مخلصًا لله ترجو ثوابه وفضله، لا تتعلم لأجل الدنيا والوظائف والحظ العاجل لا، ولكن تتعلم لتعبد ربك، لتعرف دينك، لتتبصر في دينك، لتدع ما حرم عليك، لتؤدي ما أوجب الله عليك، لتقف عند حدود الله، ثم تجيء الدنيا بعد ذلك.