أما في غير هذه الجزيرة كمصر والشام والعراق فلا بأس باستقدامهم مع الحذر من شرهم، واستقدام المسلمين أولى منهم في كل مكان وأحوط، لكن في الجزيرة العربية يحرم ذلك، ولا يجوز أبدًا؛ لأن النبي نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام، وقال العلماء: اللهم إلا لضرورة قصوى، والضرورة القصوى التي قد تدعو لها حاجة المسلمين وضرورتهم في عمل لا يجيده المسلمون، ولا يعرفه المسلمون، فيستقدم منهم العدد القليل الذي يسد هذه الحاجة، ثم بعد ذلك يبعدون إلى بلدانهم، قالوا: والدليل على هذا أن الرسول ﷺ استأجر عبدالله بن أريقط للهجرة وهو مشرك ليدله على الطريق إلى المدينة، واستعمل اليهود في خيبر لما كان المسلمون مشغولين بالجهاد، فاستعملهم في خيبر ليقوموا بحراثتها وزرعها وسقي نخلها، ثم أمر بإجلائهم بعد ذلك، فالمقصود أن الواجب على المؤمنين هو إبعاد الكفرة وعدم استقدامهم لأي شغل، اللهم إلا أن يكون هناك شيء مهم جدًا يراه ولي الأمر لمصلحة المسلمين لا يسد غيرهم فيه، ولا يقوم به غيرهم مع العناية بقلتهم والحذر منهم، ومن مكائدهم، ومع العناية بقلة ذلك وعدم التوسع فيه.
الخميس ١٩ / جمادى الأولى / ١٤٤٦