الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله وأمينه على وحيه وصفوته من خلقه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها أصحاب الفضيلة: الشيخ إبراهيم بن عبدالله بن غيث، والشيخ سعود بن عبدالله.......، والشيخ عبدالله بن صالح ......، جزاهم الله خيرًا، ولقد أجادوا وأفادوا وأوضحوا شيئًا كثيرًا مما يتعلق باستخدام المشركين ومخالطتهم وغير ذلك من شؤونهم، ولقد أوضحوا أشياء كثيرة هامة في هذا الباب، ووجهوا إلى ما ينبغي من العمل الإسلامي، ونصحوا فيما ينبغي الحذر منه، والعناية بأسباب السلامة، فجزاهم الله خيرًا، وزادنا وإياكم وإياهم توفيقًا وهدى وعلمًا نافعًا وعملًا صالحًا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا.
لا ريب أن المخالطة للكفار واستقدامهم للعمل في بلاد الإسلام واستقدامهم في البيوت للخدمة والتربية كل ذلك فيه خطر عظيم، وينجم عنه أشياء كثيرة تضر المسلمين، ولقد بين أصحاب الفضيلة الكثير من ذلك، وحذروا من يتبلى بذلك وهنا أمور..
وهي منبع الإسلام، وقد أوصى النبي ﷺ بإخراج أهل الشرك منها، وقال: لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب، حتى لا أدع إلا مسلمًا، وأوصى عند موته بإخراج اليهود والنصارى والمشركين من هذه الجزيرة، فهذه لها شأن، وقد نبه على هذا الشيخ إبراهيم في آخر الكلمة، فالمقام مقام عظيم، يجب على المسلمين أن يخصوا هذه الجزيرة بما خصها الله بها ورسوله، وألا يستوردوًا لها الكفار، وإذا كان هناك حاجة لاستقدام العمال والخدم فليكونوا من المسلمين لا من الكافرين، يجب أن يكون الاستقدام إذا دعت إليه الحاجة يكون من المسلمين، ومع ذلك أيضًا يتحرى في المسلمين، أيضًا حتى المسلمون يتحرى فيهم؛ لأن بعضهم قد يدعي الإسلام وهو بريء من الإسلام، وهو يعبد غير الله، يعبد الأموات والقبور، ويستغيث بأهلها، فهو شر من اليهود والنصارى في شركه، وبعضهم يدعي الإسلام وهو يسب الإسلام، ويستهزئ بالإسلام، وبعضهم لديه من المظاهر المخالفة للإسلام الشيء الكثير، فالذي يحتاج للاستقدام ينبغي له أن يتحرى، سواء كان ذلك الاستقدام للعمل في الشركات للبناء والتعمير أو للزراعة أو لغير ذلك أو كان لعمل آخر، يجب التحري حتى في المسلمين حتى لا يستقدم إلا من ظاهره الخير، ومن يرجى فيه النفع لا الضرر.
أما أهل الشرك من اليهود والنصارى والبوذيين واليابانيين والكوريين وأشباههم فلا لا يستقدمون لهذه الجزيرة، إلا للضرورة، إذا استقدم للضرورة لأشياء معينة مع القلة تحت رعاية الدولة والعناية من الدولة بهم فهذا للضرورة لا بأس، كما أبقى النبي صلى الله علية وسلم اليهود في عمل خيبر، لما كان المسلمون في حاجة، كان المسلمون مشغولين بالجهاد، فلما فتح النبي خيبر عليه الصلاة والسلام أبقى اليهود في عمل خيبر للزراعة بالنصف، لهم النصف وللمسلمين النصف، وقال: نقركم فيها ما أقركم الله، وفي اللفظ الآخر: ما شئنا، فلما وسع الله على المسلمين وفتح عليهم الفتوحات استغنوا عنهم، وأجلاهم عمر من خيبر إلى الشام.
فاستقدام الكفار للحاجة التي يراها ولي الأمر من طب تدعو الحاجة إليه، أو هندسة، أو عمل زراعة، يحتاج إليها، أو أمور أخرى فيما يتعلق ......، من الأمور التي قد يجهلها المسلمون والدولة بحاجة إليها لنفع المسلمين، فإذا استورد من الكفار من تدعو الحاجة إليه والضرورة مع رعاية أمره والعناية به والحذر من شره ومكائده والمراقبة عليه كان ذلك جائزًا بهذه الشروط وبهذه العناية.
أما غير الجزيرة كمصر والشام والعراق والبلدان الأخرى فاستقدام اليهود والنصارى إليها مثل ما قال: أصحاب الندوة: شر لا خير فيه، لكن إذا دعت إليه الحاجة فيجب الحذر، إن دعت الحاجة إلى ذلك فيجب الحذر من شرهم، وألا يقروا على إظهار شعائرهم الكافرة من الشرك أو تعاطي الخمور أو القمار أو غير، هذا من شعائرهم الخبيثة يمنعون من ذلك في بلاد المسلمين، ولو أنها غير الجزيرة كبغداد أو مصر أو غير ذلك، طهر الله بلاد المسلمين من الكافرين.
ويحذر منهم أيضًا من جهة إفسادهم العوائل وتربيتهم الناشئة على الكفر والضلال على اليهودية أو النصرانية أو البوذية أو غير ذلك، وعلى الأخلاق الخبيثة من الزنا والفساد والخمر ونحو ذلك يجب الحذر من ذلك، إذا دعت الحاجة إلى استقدامهم في غير الجزيرة.
كذلك عدم الخلوة بالمرأة هذا لا يخص الكفار، إذا حرمت الخلوة من المسلم بالمرأة فالكافر أولى؛ لأن ....... والخطر منه أكبر فالخلوة محرمة، لا مع المسلم ولا مع الكافر، وهكذا السفر بغير محرم محرم لا مع الكفار ولا مع المسلمين، كل هذه الأشياء التي أشار إليها أصحاب الندوة -جزاهم الله خيرًا- أمور مهمة في الجزيرة وفي غير الجزيرة مع الكفار ومع المسلمين لكن مع الكفار أشد وأعظم من جميع الوجوه؛ لقلة أمانتهم، ولعداوتهم العظيمة للمسلمين، وحقدهم على المسلمين، ولما عندهم من الشرور والخصال الذميمة، والعقائد الباطلة، فيخشى منهم أن ينفثوها في المسلمين، وأن يوجهوا المسلمين إليها، وأن يعلموا الناشئة والصغار والعامة من الناس تلك العقائد وتلك الأخلاق الباطلة.
وهذا من الشر الذي يخشى منه في استقدامهم مطلقًا في أي مكان، وفي الجزيرة أعظم وأكبر كما تقدم، فالواجب على المسلم أن يكون حارسًا من نفسه لبلاده وإخوته، وأن يحذر استقدام هؤلاء الكفرة مهما كان، وأن يبتعد عن استقدام أي كافر لعمل أو خدمة أو سياقة أو غير ذلك في هذه الجزيرة وفي غيرها لها ظروف أخرى.