الفرق بين خلود أهل المعاصي وخلود الكفار

وقد أخبر سبحانه أن من تاب تاب الله عليه، من تاب تاب الله عليه، لكن من عَادَ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُون [البقرة:275]، هذا وعيد عظيم، والخلود خلودان: خلود دائم أبدًا، وهذا خلود الكفار، نعوذ بالله، لا يخرجون منها أبدًا ولا يموتون، لا موت ولا خروج، هذه حال الكفار، نعوذ بالله، قال تعالى: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ [البقرة:167]، وقال سبحانه: يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ [المائدة:37]، وقال سبحانه: لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ [فاطر:36]، وقال سبحانه: إِنَّهُ مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِمًا فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى [طه:74]،  والمجرم هنا هو الكافر، فالكافر الذي مات على الكفر، ومن ذلك الذي يموت وهو يدعو غير الله، يدعو الأموات، ويستغيث بالأموات، وينذر لهم، ويطلب المدد كالبدوي والحسين والنبي ونحو ذلك، كما يفعله عباد القبور، نعوذ بالله.

وهكذا من يستهزئ بالدين أو يسب الدين أو ينكر الآخرة وينكر الجنة والنار ويقول: لا جنة ولا نار ولا قيامة ولا بعث ولا نشور هؤلاء من أكفر الناس كالشيوعيين وأشباههم، وكذلك من استحل الحرام كالزنا يستحله يقول: ما هو بحرام، أو الربا ما هو بحرام، أو الخمر ما هو حرام، مع أنه يعرف الشرع يعرف ما جاء به الشرع وقد بين له ومع هذا يقول: لا ما هو بحرام هذا كافر كفر أكبر، نعوذ بالله، مخلد في النار -نعوذ بالله-؛ لأنه استحل ما حرم الله، أو يقول: الربا ما هو بحرام يستحل الربا يقول الربا مع كونه يعلم ما جاء به الشرع ويدري ومع هذا يقول: إنه ليس بحرام الربا مطلقًا، الربا ليس بحرام، الزنا ليس بحرام، الخمر ليس بحرام، العقوق للوالدين ما هو بحرام، قطيعة الرحم ما هي حرام، وما أشبه ذلك، هذا حكمه حكم الكفار، نعوذ بالله، حكمه حكم من كفر بالله، واستهزأ بالدين، أو أنكر الصلاة، أو أنكر الزكاة، أو ما أشبه ذلك، حكمه حكم الكفار المخلدين في النار، نسأل الله العافية.

أما الخلود الثاني فهو خلود أهل المعاصي، العاصي قد يخلد خلودًا خاصًا، خلودًا مؤقتًا، كما قال الله في المرابين: وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:275]، وجاء في قاتل النفس قال سبحانه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]، وقال فيه: من قتل نفسه بحديدة أو بسم أو بغير ذلك إنه يطعن نفسه يوم القيامة في النار بهذه الحديدة، ويتحسى السم يوم القيامة في النار، خالدًا مخلدًا فيها، هذا عند أهل العلم له وجهان: أحدهما: أنه استحل هذا الشيء، فإن استحل قتل النفس بغير حق أو استحل قتل نفسه بغير حق يكون مخلدًا في النار مع الكفار، نعوذ بالله.

أما الذي يرابي ويعلم أنه عاصي ما يستحله أو يقتل شخصًا بغير حق يعلم أنه عاصي أو يقتل نفسه ويعلم أنه عاصي لكنه مل من الدنيا أو فيه جراحات وكذا فقتل نفسه هو يعلم أنه عاصي فهذا من المجرمين من أهل الكبائر، وهو على خطر من دخول النار، متوعد بالنار لكنه لا يخلد في النار كخلود الكفار، فإن الخلود الذي ذكره الله في حقه خلود خاص، خلود القاتل وخلود القاتل نفسه وخلود المرابي هذا خلود خاص، إذا كان ما استحله، إذا كان مات على غير استحلاله، يعرف أنه معصية، ويعترف أنه معصية ولا يستحل الحرام ولكنه فعل هذه الجريمة فهو متوعد بالنار، وأتى كبيرة من الكبائر، والخلود الذي توعده الله هو خلود خاص، خلود مؤقت له نهاية يشاؤها الله سبحانه وتعالى، هو الذي يعلمها جل وعلا، له نهاية هذا الخلود لا يكون مع الكفرة، بل يخلد خلودًا خاصًا مؤقتًا إذا أراد الله ذلك عقوبة له، ثم بعد نهاية المدة يخرجه الله من النار إلى الجنة بسبب توحيده وإسلامه الذي مات عليه، وهذه مهمة ينبغي أن تعلم؛ لأن بها حل المشاكل الكثيرة التي اشتبهت على كثير من الناس، ونسأل الله للجميع التوفيق والهداية.