ولهذا ذهب بعض أهل العلم كما سمعتم من بعض المشايخ -ذهب بعض أهل العلم- إلى أن من صلى في بيته وحده بطلت صلاته، وجعل حضور الجماعة شرطًا، ولكن الأكثرين يرون حضورها ليس بشرط، ولكنه واجب، واجب على الأعيان، كما تجب الجمعة على الأعيان تجب صلاة الجماعة على الأعيان، وأن يحضروا ويصلوا مع إخوانهم، وإذا لم يحضروا نقصت صلاتهم وصارت صلاتهم ضعيفة، وربما أفضى به ذلك إلى تركها بالكلية؛ لأن التكاسل عن الجماعة يفضي لتركها بالكلية، إذا تهاون شيئًا فشيئًا ربما ضيعها في الوقت، يتساهل ويتكاسل ويشتغل حتى لا يفطن لها إلا بعد خروج الوقت، فيصلي بعد ذلك آثمًا تاركًا للجماعة، تاركًا للوقت، وربما ينقرها نقرًا لعدم شعوره بعظم شأنها؛ لأنه يصليها وهو مشغول القلب، لكن إذا حضر في المساجد مع إخوانه صار أخشع لقلبه، وأقرب إلى تأمله معنى الصلاة، واستفادته من الصلاة، مع الإمام يخشع ويطمئن ولا يعجل، إلى غير هذا من الفوائد التي سمعتم من المشايخ.
ثم صلاته في البيت مخالفة ظاهرة لأوامر الله ورسوله، وانشقاق على المسلمين، وتخلف عن جماعتهم، فله خطره العظيم، ثم هو أيضًا وسيلة إلى ترك غيره، إذا ترك هو تابعه ولده تابعه أخوه تابعه خادمه تابعه جاره، ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيكون عليه مثل آثامهم، جرهم إلى الإثم فيخشى أن يكون عليه مثل آثام هؤلاء الذين جرهم هو بتكاسله، لما تكاسل تكاسلوا، قالوا: هذا فلان ما يصلي في جماعة، هذا أبونا، هذا أخونا الكبير ما يصلي في الجماعة، لنا بهم أسوة، فيتأسون به بفعله، وربما جرهم بقوله، يقول لهم: ما في بأس، ما في حرج صل في بيتك، ونحو هذا الكلام الرديء، فيكون جرهم إلى الشر بفعله وقوله، نسأل الله العافية.
ومن أهم الأمور التناصح في هذا الأمر مثل ما سمعتم من بعض المشايخ، التناصح من أهم الأمور حتى يحضر الجميع الجماعة، التناصح بين الرجل وجيرانه، بين الرجل وإخوانه، بين الرجل وأولاده، بين الرجل وإخوانه، في أي مكان يتناصحون في أداء ما أوجب الله، بترك ما حرم الله، ومن ذلك أداء الصلاة في المساجد، فإن هذا مما أوجب الله، والتخلف عنها مما حرم الله.