ولقد وسع الله جل وعلا أنواع المعاملة، ويسر أسباب الرزق، فمن زعم أن الاقتصاد لا بد من طريق البنوك وأنه لا بد من الربا إذ البنوك لا بد لها من الربا فقد قال قولًا باطلًا، وافترى على الله الكذب، وقد سمعتم الإشارة في بعض كلام المشايخ عن رسالة أو نشرة ألفها بعض الناس هذه الأيام وحاول فيها أن يحلل الربا كله إلا مسألة واحدة؛ وهي ربا الجاهلية الذي كانوا يتعاطونه كثيرًا، وهو ما إذا حل الدين قال الدائن للمدين: إما أن تربي وإما أن تقضي، فإذا حل له عليه ألف ريال وهو عاجز قال: اجعلها ألف ومئة أؤديها لك بعد ستة أشهر أو سنة أخرى، وهكذا كلما حل زاد في المال وزاد في الأجل، وهذا معنى ربا الجاهلية، والله جل وعلا قال في ذلك: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ [البقرة:278-280].
إذا حل الدين وهو عاجر يُنْظر، أما الزيادة فلا، يُنْظر حتى يسهل الله الأمر ويسهل لك الله، وإذا كان عنده القضاء يلزم من جهة الحاكم الشرعي حتى يقضي، أما التحيل على ما حرم الله فهو وسيلة إلى العذاب العاجل نعوذ بالله، جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام يقول: لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل، ولما تساهلت طائفة من بني إسرائيل لما حرم الله عليهم الصيد في يوم السبت فنصبوا الشباك يوم الجمعة حتى تقع فيها الصيود الحيتان ثم أخذوها يوم الأحد، وقالوا: ما صدنا يوم السبت، فعاقبهم الله ومسخهم قردة وخنازير، نعوذ بالله.
فالمقصود أن التحيل على ما حرم وسيلة إلى العقوبات العاجلة والآجلة، والواجب على أهل الإسلام وعلى الدول الإسلامية وعلى التاجر الإسلامي وعلى المسلم أن يحذروا ما حرم الله، وأن يمنعوا البنوك من تعاطي هذا الربا، وأن تكون المعاملات معاملات شرعية، بمضاربة شرعية، بالمعاملة الشرعية التي أباحها الرب عز وجل، في إمكانهم أن يبيعوا ويشتروا من طريق المعاملات الشرعية بالمضاربة والبيع إلى أجل وغير ذلك، أما المعاملات الربوية فهي محرمة بنص الكتاب والسنة وبإجماع المسلمين.