1298- عَنْ عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ فَدَى رَجُلَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ بِرَجُلٍ مُشركٍ.
أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ، وَأَصْلُهُ عِنْدَ مُسْلِمٍ.
1299- وَعَنْ صَخْرِ بْنِ الْعَيْلَةِ: أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: إِنَّ الْقَوْمَ إِذَا أَسْلَمُوا أَحْرَزُوا دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَرِجَالُهُ مُوَثَّقُونَ.
1300- وَعَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعمٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ فِي أُسَارَى بَدْرٍ: لَوْ كَانَ الْمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ حَيًّا، ثُمَّ كَلَّمَنِي فِي هَؤُلَاءِ النَّتْنَى لَتَرَكْتُهُمْ لَهُ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.
1301- وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ قَالَ: أَصَبْنَا سَبَايَا يَوْمَ أَوْطَاسٍ لَهُنَّ أَزْوَاجٌ، فَتَحَرَّجُوا، فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ الآية [النساء:24]. أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهُداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث الأربعة كلها لها تعلُّق بالجهاد:
في الحديث الأول -حديث عمران- دلالة على جواز الفداء بالأسارى، وأنه لا مانع أن يُفدى الأسير الذي لدى المسلمين بأسرى عند الكفار، وأنه لا بأس أن يكون اثنان بواحدٍ، أو ثلاثة بواحدٍ، ولهذا النبيُّ ﷺ فدى رجلين من المسلمين برجلٍ مُشركٍ.
فالحاصل أن الأسرى يجوز لهم المفاداة بهم، فلولي الأمر أن يُفادي بالأسارى، ولو واحدًا بجماعةٍ، أو جماعة بواحدٍ، كما له أن يعتق ويعفو عن الأسير، وله أن يقتل، فلا بأس أن يفادي به، فإذا كان المسلمون أسارى عند المشركين، وعند المسلمين أسارى للمشركين، فلا بأس بالمفاداة؛ لأنَّ هذه مصلحة المسلمين، كما يأخذ المال، يُفادي بالمال، كما في أسرى بدر، يُفادي رجالًا بدل رجالٍ في المفاداة، ولو كان الفِداء مختلفًا: كأن يبعث رجلًا واحدًا -أسيرًا واحدًا- في فداء جمعٍ من المسلمين، أو أسارى من المشركين في فداء واحدٍ من المسلمين، كل هذا يرجع إلى ولي الأمر.
والحديث الثاني: يقول صخر بن الغيلة، عن النبي ﷺ أنه قال: إذا أسلم قومٌ أحرزوا دماءهم وأموالهم، إذا أسلموا أحرزوا دماءهم وأموالهم، فإذا كانت قرية أو قبيلة أو مدينة أو دولة أسلمت أحرزت دماءها وأموالها؛ لأنَّ الإسلام يَجُبُّ ما قبله، ولا يجوز بعد ذلك التَّعدي عليهم، لا في أموالهم، ولا في دمائهم.
والحديث الثالث: يقول ﷺ في أسرى بدر: لو كان المطعم بن عدي حيًّا، ثم كلَّمني في هؤلاء النَّتْنَى يعني: الأسرى لتركتُهم له، وكان المطعم بن عدي من رؤساء المشركين في مكة، ولما مات أبو طالب وكان النبيُّ ﷺ ذهب إلى الطائف لدعوتهم، طلب من بعض أعيان المشركين أن يرجع إلى مكة في جوارهم، فلم يجد أحدًا يُوافق على دخوله في جواره إلا المطعم بن عدي، وافق وقال: "لا بأس"، وقبل رجوعه إلى مكة في جوار المطعم بن عدي، وخرج هو وأولاده مُتسلحين، وجلسوا حول الكعبة، فدخل ﷺ وطاف، فسألوا المطعم: أأسلمتَ أم أنت مُجير؟ قال: لا، ما أسلمتُ، لكني مُجير، قالوا: قد أجرنا مَن أجرتَ، فكفَّ عنه المشركون: أبو سفيان وغيره كفُّوا عنه، وبقي في مكة يبلغ دعوة الله في جوار المطعم بن عدي حتى هاجر إلى المدينة عليه الصلاة والسلام، ولهذا قال: لو كان المطعم بن عدي حيًّا، وكلمني في هؤلاء النَّتنى -أسرى بدر- لتركتُهم له يعني: تقديرًا لإحسانه ومعروفه السابق، وإجارته للنبي ﷺ حتى يبلغ دعوة ربِّه بعد موت أبي طالب.
كذلك حديث أبي سعيدٍ في سبايا أوطاس: أوطاس غزوة تابعة لغزوة الفتح، غزا أوطاس، وسبى نساءهم وذراريهم، فتحرَّج الناسُ من النساء اللاتي لهن أزواج في المشركين وقد سبوا، فأنزل الله: وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ [النساء:24]، المحصنات -يعني: المتزوجات- حرامٌ أن ينكحن إلا في السبايا، إذا سُبيت فإنها يجوز وطؤها، ويكون سبيها فراقًا لزوجها أعظم من الطلاق، لكن لا تُستباح إلا بحيضةٍ إن كانت حائلًا، أو بوضع الحمل إن كانت حبلى، قال ﷺ: لا تُوطأ حامل –يعني: من السبي- حتى تضع، ولا غير ذات حملٍ حتى تحيض حيضةً استبراءً لها، والتَّفريق بينها وبين زوجها، يكون زوجُها بقي في الكفر أو قُتل، فتكون حِلًّا للمسلمين، فإذا جاءت في سهم الإنسان من المسلمين يستبيحها بوضع الحمل أو بحيضةٍ؛ لأنها رقيقة، فتُستباح بحيضةٍ إن كانت حائلًا، وإن كانت حاملًا بوضع الحمل، وإن كانت ذات زوجٍ فسبيها فراق لزوجها، وليس هناك زوجة تحلّ إلا في هذه الحالة، المسبية تحلّ للمسلم الذي كانت في سهمه بعد أن يستبرئها بحيضةٍ إن كانت حائلًا، أو بوضع الحمل إن كانت حبلى.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: تجوز الأعمال الشاقة: كحمل الحجارة وتكسيرها، يجوز ذلك للأسرى؟
ج: هذا يرجع إلى ولي الأمر؛ لأنه قد يكون هذا أسهل من قتلهم.
س: إذا في قاعدة مُعينة يكون ..؟
ج: ولي الأمر.
س: الكفَّار عندهم جمعيات مثل: الصليب الأحمر، يزورون الأسرى ويُعالجونهم، فهل لهم أن يزوروا الأسرى الذين مع المسلمين؟
ج: كيف؟
س: الكفار عندهم جمعيات مثل: الصليب الأحمر، يزورون الأسرى ويُعالجونهم، فهل لهم أن يزوروا الأسرى الذين مع المسلمين؟
ج: إذا سمح لهم وليُّ الأمر، إذا رأى ولي الأمر أنهم يزورونهم، مثلما يستخدم الطبيب الكافر عند الحاجة، إذا رأى ولي الأمر لا بأس، وإن كان قوله منعهم يمنعهم.
س: توجد لهم أهداف التَّبشير؟
ج: ولي الأمر ينظر في الأمر.
س: ماذا؟
ج: ينظر وليُّ الأمر في ذلك، إذا دعت الحاجةُ لا بأس أن يُستخدموا في علاج الأسرى ..... في مرضاهم، مثلما يستخدم الطبيب الكافر إذا دعت الحاجةُ إليه.
س: السبايا سواء كن من الوثنيات أم كتابيات يجوز وطؤهنَّ؟
ج: أهل الكتاب لا بأس، أما الوثنية ففيها خلافٌ بين العلماء، وجماعة من أهل العلم يرون أن الصحيح أنَّ النبي ﷺ ما فرَّق بينهما، هي سبية، ويدعوها إلى الإسلام، وتُباح، والصواب أنها كالكتابية، لكن يدعوها للإسلام؛ لعلَّ الله يهديها بأسبابه، الصواب أنها كالكتابية رقيقة، لكن يدعوها إلى الإسلام؛ لعلَّ الله يهديها بأسبابه.
س: قصد هؤلاء أصحاب التَّبشير أنَّهم يُميلون المسلمين نحوهم؟
ج: المقصود أنَّ هذا يرجع إلى ولي الأمر، يحتاط للمسلمين، إذا دعت الحاجةُ إلى أن يطبّوا المسلمين فلا بأس؛ لمصلحة المسلمين، وإذا كان يخشى منهم يمنعهم، فولي الأمر ينظر، سواء السلطان، أو العلماء، أو الأمير، على حسب الجهة المسلمة.
س: مَن ترك صوم رمضان كله أو بعضه عامدًا مُتعمدًا؛ تهاونًا وكسلًا، هل يلزمه القضاء؟
ج: يلزمه القضاء نعم، وعليه التوبة.
س: تاجر عنده سيارات يُؤجِّرها ويُخرج زكاة ماله موادًّا غذائيةً ويُعيطها الفقراء منذ سنوات بدون توكيل الفقراء له، فهل تصحّ زكاته؟
ج: المزكي هو الذي يُخرجها؟
س: نعم، مواد غذائية.
ج: المزكي يُعطيها الفقراء؟
س: نعم، عن طريق مواد غذائية.
ج: ما في بأس.
س: بدون توكيل الفقراء له؟
ج: ما يُوكِّلون، ما لهم توكيل، هم مَصْرَفٌ، ما هم موكلين، مصرف.
س: يعني تصحّ زكاته؟
ج: هم مَصْرَفٌ للزكاة، هم ما يُوكِّلون، لكن إذا رأى المصلحة في ذلك: إما الفقراء ما يُحسنون التَّصرف، أو أيتامًا ما يُحسنون التَّصرف، أو نساء ما يُحسنَّ التصرف، ورأى أن يُعطيهم ملابس، أو طعامًا لا بأس، وإلا فيُخرج نقودًا، لكن إذا رأى المصلحة فجماعة من أهل العلم يُجوِّزون إخراج العروض للمصلحة: كالطعام والملابس؛ لأنَّ بعض الفقراء ما يُحسن التَّصرف: إما أيتامًا، أو ضعفاء بصيرة، أو نساء ما يُحسنَّ التصرف، فيُعطيهم ما يقوم بحالهم، مع العناية، وأنه يُعطيهم ما يُقابل الزكاة، لا ينقص، يُعطيهم ما يُقابل الزكاة أو أكثر، يحتاط لدينه، فإذا أعطى نسوةً أو أيتامًا أو فقراء يُحسنون التَّصرف رأى المصلحة في ذلك فلا بأس.
س: ..... الشخص هذا يُعطيه زكاة، قال: أنا أُعطيك زكاة، وفي المقابل أشتري موادًّا غذائيةً؟
ج: هو يُشاوره، ينظر في الأصلح.
س: لا، مثلًا يشتري ..... وكذا؟
ج: ينظر الأصلح، صاحب الزكاة ينظر الأصلح، والصواب: يجوز إخراج العروض للمصلحة الشرعية إذا رآها المزكِّي، وإلا فليُخرج النُّقود.
س: ولو كان وكيلًا؟
ج: لا، الوكيل يعمل بما قاله مُوكِّله.
س: ماذا؟
ج: الوكيل لا يتصرف إلا بما قاله مُوكِّله.
س: الوكيل أعطاه فقط ..... أعطى المُستحق؟
ج: يُعطيها لا، لا يتصرف، يُعطيها المستحقّ، لا يتصرف.
س: دراهم؟
ج: نعم، يُعيطها كما وكل.
س: القوم إذا أسلموا، عبيدهم ما أسلموا، هل يكفّ عن عبيدهم؟
ج: ماذا؟
س: إذا أسلم قومٌ وعبيدهم صاروا على كُفرهم لم يدخلوا في الإسلام؟
ج: تبعهم، تبع أموالهم، تبع أموال الكفار، نعم، أحرزوا دماءهم وأموالهم.
س: الحديث الذي أخرجه ابنُ حبان وأحمد: إنَّ الله يُحب أن تُؤتى رُخصه، كما يكره أن تُؤتى معصيته؟
ج: لا بأس به.
س: الكافر مَن أسدى إلينا معروفًا هل نُعطيه، نُكافئه؟
ج: يُكافأ نعم، ولو كافرًا يُكافأ، وهذا من محاسن الإسلام، ومن الدَّعوة إلى الله.
س: سألتُ سماحتكم قبل فترةٍ عن حديث: مَن كان له شعرٌ فليُكرمه، وقلتُم: لم يحضرني سنده، معي سنده عفا الله عنك، قال أبو داود: حدثنا سليمان بن داود المهري، أخبرنا ابن وهب، حدثني ابن أبي الزناد، عن سهيل بن أبي صالح، عن أبيه، عن أبي هريرة .. فذكر الحديث؟
ج: لا بأس به، إسناده جيد.
س: كيف يُجمع بينه والنَّهي عن الادّهان إلا غبًّا؟
ج: ..... غبّ، وما غبّ، أكرم فقط، ولو يومًا وراء يوم، ولو بعد ثلاثة أيام، ما هو بلازم كل يوم، هذا مُطلق يُقيد بالأدلة الأخرى.
س: عندي الوالد مُتوفى له عشرون يومًا، والوالدة كبيرة في السن، وفيها ضغط وسكر، ولا تقدر الجلسة في البيت، ما تُحب الحشرة، الجلسة في البيت، هل يجوز التَّكفير عن إحدادها؟
ج: لا، لا بد أن تبقى في البيت، مثلما تبقى وهو حي تبقى وهو ميت، وأيش المانع؟
س: هي تروح عندها مواشٍ؟
ج: لا، تبقى في البيت حتى تُكمل العدَّة.
1302- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ سَرِيَّةً وَأَنَا فِيهِمْ قِبَلَ نَجْدٍ، فَغَنِمُوا إِبِلًا كَثِيرَةً، فَكَانَتْ سُهْمَانُهُم اثْنَيْ عَشَرَ بَعِيرًا، وَنُفِّلُوا بَعِيرًا بَعِيرًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1303– وَعَنْهُ قَالَ: "قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يَوْمَ خَيْبَرَ لِلْفَرَسِ سَهْمَيْنِ، وَلِلرَّاجِلِ سَهْمًا". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَاللَّفْظُ لِلْبُخَارِيِّ.
وَلِأَبِي دَاوُدَ: "أَسْهَمَ لِرَجُلٍ وَلِفَرَسِهِ ثَلَاثَةَ أَسْهُمٍ: سَهْمَيْنِ لِفَرَسِهِ، وَسَهْمًا لَهُ".
1304- وَعَنْ مَعْنِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: لَا نَفْلَ إِلَّا بَعْدَ الْخُمُسِ.
رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَأَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ الطَّحَّاوِيُّ.
1305- وَعَنْ حَبِيبِ بْنِ مَسْلَمَة قَالَ: "شَهِدْتُ رَسُول اللَّهِ ﷺ نَفَّلَ الرُّبُعَ فِي الْبَدْأَةِ، وَالثُّلُثَ فِي الرَّجْعَةِ".
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْجَارُودِ، وَابْنُ حِبَّانَ، وَالْحَاكِمُ.
1306- وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُنَفِّلُ بَعْضَ مَنْ يَبْعَثُ مِنَ السَّرَايَا لِأَنْفُسِهِمْ خَاصَّةً، سِوَى قسمة عَامَّةِ الْجَيْشِ". مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث تدل على جواز التَّنفيل من ولي الأمر بالسَّرايا؛ تشجيعًا لهم على الجهاد، وترغيبًا لهم، وتقديرًا لجهودهم.
وفي هذا أنَّ ابن عمر كان في سريةٍ، فصارت سُهمانهم اثني عشر بعيرًا، ثم نُفِّلوا بعيرًا بعيرًا، يعني من الخمس، يعني بعد الخمس من الغنيمة، بعد الخمس، مثلما قال في الحديث: لا نفلَ إلا بعد الخمس، ويحتمل أنه كما تقدَّم يحتمل أنه نفَّلهم إياه قبل أن يُخمّسها، لكن حديث: لا نفلَ إلا بعد الخمس يقتضي أنه ﷺ كان ينفل بعد إخراج الخمس، يعني من أموال الغانمين؛ تقديرًا لهم، لأن السرية على خطرٍ عظيمٍ، فإذا نُفِّلوا فهذا من مصلحتهم، ومن تشجيعهم.
وهكذا حديث أنه كان يُنفّل في البداءة بالربع، وفي الرجعة الثلث، كله تشجيعًا للسرايا؛ لأن عليها خطرًا كبيرًا، ثم البقية تكون للجيش.
والسبب في كونه بدأ بالربع لأنهم ما دام الجيشُ موجودًا فالخطر أقل؛ لأنَّ الجيش أمام ظهورهم، فالخطر عليهم أقل، فإذا كان عند رجوع الجيش وهم خلف الجيش صار الخطر أكثر، فيُنفَّلون الثلث تقديرًا لجهودهم، وجبرًا لما قد يعتريهم من الخطر والخوف بسبب أنَّ الجيش راجع وهم مُتخلِّفون، سرية مُتخلِّفة بعد الجيش.
وفيه من الفوائد: أن الراجل يُعطى سهمًا، والفارس يُعطى ثلاثة أسهم: سهمان لفرسه، وسهم له، هذا هو السنة؛ أن يكون القسم للراجل سهم، وللفارس ثلاثة: سهمان لفرسه، وسهم له.
وحديث أنه كان يُنفّل بعض مَن يبعث من السرايا لأنفسهم خاصَّة سوى قسم عامَّة الجيش، هو معنى ما تقدَّم، يعني: يُنفِّل بعضَ الناس لبلائه في الإسلام، أو لانفرادهم بكونهم سرية، سواء في البدأة، أو في الرجعة؛ تقديرًا لجهودهم ولصبرهم ولخطرهم، وبعض السرايا لا يُنفِّلهم؛ لعدم الحاجة إلى التَّنفيل.
فالحاصل أنَّ ولي الأمر ينظر في المصلحة، فإذا رأى التَّنفيل: ببعيرٍ، بأكثر، بالخمس، بالربع، بالثلث، ينظر فيما يراه أصلح، ويرى الغنيمة تتحمله، ففي البدأة الربع، وفي الرجعة الثلث، لولي الأمر أن يُنفِّل أقل أو أكثر إذا رأى المصلحة في ذلك، أو على شيءٍ من القليل يقدر: من بعير بعير، بعيرين بعيرين، من غير حاجةٍ إلى ربعٍ، ولا خمس، ولا ثلث، على حسب ما يراه مصلحة؛ عملًا بما شرعه ﷺ وبيَّنه لأمَّته في أعماله عليه الصلاة والسلام.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: .............؟
ج: هذا هو ظاهر الحديث: لا نفلَ إلا بعد الخمس.
س: درجة الحديث؟
ج: ما أعلم فيه، الذي يظهر لي أنه لا بأس به، ولهذا سكت عنه المؤلف.
س: النَّفل يكون من الغنيمة نفسها أو من الخمس؟
ج: التَّنفيل من الغنيمة بعد الخمس .....؛ لأنَّ المنفلين من الغانمين.
س: هل يجوز للإمام أن يُساوي بين الجيش الراكب والراجل؟
ج: لا، ما يجوز، عليه أن يعمل بالسنة، فالراكب الخيَّال له ثلاثة، والراجل سهم واحد.
س: وعساه أن يقول: الراجل يتعب أكثر من الراكب؟
ج: ولو، لكن الفرس أكثر، ولكن الفرس ومُؤنته عليه، فنفله أكثر، ويُطارد الشاردين، ويلحق الشَّاردين، ويحمي أصحابه.
س: السيارات هي الراكب، الآن ما في فرس، دبابات، في مشاة، وفي عربات؟
ج: كلهم سواء، يُسوي بينهم، هذا يختصُّ بالخيالة؛ لأنهم كلهم يركبون، كل الجيش يركب، فالمقصود أن الجيش والإبل أو السيارات كلها يركبها الجميع، فسهامهم واحدة.
س: مقدار التَّنفيل راجع إلى الإمام؟
ج: نعم، إلى ولي الأمر.
س: هل الصلاة على النبي ﷺ واجبة عند ذكره؟
ج: ظاهر النصوص وجوبها؛ لقوله ﷺ: رغم أنف امرئٍ ذُكِرْتُ عنده فلم يُصلِّ عليَّ، ظاهره الوجوب، اللهم صلِّ عليه وسلم، هذا ظاهر السنة، وهو ظاهر الأمر: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا [الأحزاب:56].
س: الطيَّار هل يأخذ سهمان؛ لأنَّه يطير؟
ج: الظاهر أنَّ الطيار والراكب والسيارات كلهم سواء، لا يُعطى سهمان؛ لأنَّ الطائرات تحمل الجنود، والسيارات تحمل الجنود، كلهم، أما الخيَّال فيفعلها عند الحاجة، عند وقت الحرب، وما هي بالفرس تحملهم من بلدٍ إلى مكان الحرب، الفرس تُستعمل وقت الحرب: الكر، والفرّ، فالطائرات والسيارات مثل إبلنا مركوبٌ لهم.
س: المُرابط في البحر أجره أعظم من المُجاهد في البرِّ؟
ج: ماذا؟
س: المُجاهد في البحر هل أجره أعظم من أجر المُرابط في البرِّ؟
ج: ما أتذكر الآن شيئًا.
س: إذا حضر بفرسين هل يُحسب؟
ج: الظاهر ما يُعطى أكثر من فرسين.
س: فرسًا واحدًا؟
ج: فرسين، يعني: مسألة الفرسين محل نظرٍ، ويُراجع فيها الأدلة، تُراجع الأدلة في هذا، الله يُقيم علم الجهاد.