أما بعد:
أيها الإخوة في الله: فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة في موضوع بر الوالدين من أصحاب الفضيلة: الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بن فريان، والشيخ عبدالرحمن إدريس، والشيخ أحمد بن عبدالرحمن .......، وقد أجادوا وأفادوا وأضحوا ما ينبغي إيضاحه في هذا المقام، فجزاهم الله خيرًا، وزادهم من الهدى والتوفيق، وضاعف لهما المثوبة، ونفعنا وإياكم وإياهم بما سمعنا وبما علمنا، ولا ريب أن بر الوالدين من أهم الفوائد، ومن أعظم الواجبات، وقد أوصى الله بذلك كما سمعتم في آيات كثيرات، وفطر القلوب والعقول على عظم شأن ذلك، وعلى استحسانه، وعلى استقباح العقوق واستنكاره، ولكن الله عز وجل أكد في ذلك وعظم خطر العقوق وحذر منه، وهكذا رسوله محمد عليه الصلاة والسلام وهو لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى، فكلامه صلى الله عليه وسلم وحي من الله ، كما قال سبحانه: وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [النجم:1-2]، صاحبكم محمد عليه الصلاة والسلام ما ضل، يعني: ما قال شيئًا عن جهل، الضال هو الجاهل الذي يتكلم ويعمل عن جهالة، وَمَا غَوَى يعني: ما خالف العلم؛ لأن الغاوي هو الذي يخالف العلم، يعلم ولا يعمل بعلمه، مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى [النجم:2-5]، فهو وحي من الله علمه إياه، وجاء إليه به شديد القوى، وهو جبرائيل عليه الصلاة والسلام، فنبينا محمد عليه الصلاة والسلام أبدى وأعاد في هذا الأمر تأكيدًا لما بينه الله في كتابه العظيم من وجوب الإحسان إليهما وتحريم عقوقهما.