وسمعتم ما ذكر الشيخان من أنك -أيها الإنسان- مسؤول عن هذه الجوارح، ويوم القيامة حين تجحد ما اقترفت يختم على لسانك، وتنطق الجوارح بما فعلت، وما قدمت لآخرتك، الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلَى أَفْوَاهِهِمْ وَتُكَلِّمُنَا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ [يس:65]، نسأل الله العافية، وقال سبحانه: وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ [فصلت:19-21].
فأنت يا أخي مسؤول عن هذه النعم، وعن هذه الجوارح، قال جل وعلا في كتابه العظيم: يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النور:24]، فأنت أيضًا تشهد عليك يدك ورجلك وهكذا لسانك، فإذا جاءت القيامة لها شؤون ولها أحوال، في وقت ينطق اللسان واليد والرجل، وفي وقت تنطق الأسماع والأبصار والجلود، فالأحوال مختلفة ومتنوعة يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [النور:24]، لكن من رزق التوفيق استعمل هذه الجوارح في طاعة ربه وجاهد نفسه لله وصبر قليلًا وأفلح كثيرًا فَاصْبِرْ إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ [هود:49] لا بد من الصبر وَالْعَصْرِ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ[العصر:1-3].