حقيقة لا إله إلا الله ومقتضاها

ومن البلايا العظيمة والكفر الوخيم ما سمعتم في التنبيه ما يفعله عباد القبور، فإن كثيرًا من الناس المنتسبين للإسلام جعلوا حوائجهم مناطة بأصحاب القبور، وأعرضوا عن الله جل وعلا، والضراعة إليه، وطرح حاجاتهم بين يديه سبحانه وتعالى، وظنوا أن قولهم: لا إله إلا الله، ربنا الله، من دون عمل يكفيهم ذلك، هذه الكلمة وهي كلمة لا إله إلا الله هي خير الكلام، وأفضل الكلام، وهي أساس الدين، ولكن لا بد من العمل بمعناها، إذ معناها لا معبود حق إلا الله، كما قال : ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [الحج: 62]، فإذا لم يعمل بمعناها وعطلها لم تنفعه لا في الدنيا ولا في الآخرة، فاليهود يقولون: لا إله إلا الله، المنافقون يقولون: لا إله إلا الله، لكن لم تنفعهم لأنهم عبدوا أحبارهم ورهبانهم، وقالوا: عزير ابن الله، وهكذا النصارى قالوا: لا إله إلا الله، ولم تنفعهم لأنهم قالوا: المسيح ابن الله، وعبدوه من دون الله، وعبدوا أمه، وعبدوا أحبارهم ورهبانهم كما فعل اليهود، وهكذا المنافقون وهم أكفر الناس في الدرك الأسفل من النار، قالوا: لا إله إلا الله، وقالوا: نشهد أن محمدًا رسول الله، ولكنهم قالوا ذلك بالأفواه وبالأقوال، وكذبوا بالقلوب، وأنكروا بالقلوب، وجحدوا، فصاروا في الدرك الأسفل من النار، نعوذ بالله من ذلك.

وهكذا الذين صدقوا مسيلمة الكذاب أو الأسود العنسي أو طليحة الأسدي أو غيرهم ممن ادعى النبوة قالوا: لا إله إلا الله، وشهدوا أن محمدًا رسول الله، ولكن مع هذا قالوا: إن هذا نبي، إن مسيلمة نبي، أو الأسود العنسي نبي، أو طليحة الأسدي نبي، أو فلان أو فلان، فكفروا بذلك بإجماع المسلمين، بإجماع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن من ادعى النبوة بعد محمد فهو كافر، ومن صدقه فهو كافر، ولو قال: لا إله إلا الله، ولو قال: أشهد أن محمدا رسول الله؛ لأنه مكذب لله في قوله سبحانه: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ [الأحزاب:40]، ومكذب للأحاديث المتواترة عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: لا نبي بعدي، فالذين يستغيثون بالأموات ويسألونهم الحاجات من شفاء المرضى ورد الغياب وإعطاء الولد هؤلاء قد أشركوا بالله، ونقضوا قول لا إله إلا الله.

وهكذا المدعون أن هذه الأصنام تنفع من دعاها، أو تشفي من دعاها، أو تقضي حاجته كما يفعل الكثير من الكفار في الهند وغيرها، وهكذا من دعا الجن واستغاث بالجن وسألهم أو دعا الملائكة أو دعا الكواكب واستغاث بالنجوم أو غير ذلك، ولو صلى وصام وزعم أنه مسلم، فإن هذه التوجهات إلى غير الله بالعبادة تجعله كافرًا، وتجعل انتسابه للإسلام لا يفيده شيئًا، كالمنافقين.

وهكذا من ادعى ذلك في عصرنا أو قبل عصرنا كما فعلت القاديانية، وقد عرف الناس هذه الطائفة عرفهم أهل العلم وطلبة العلم ... كفروا، أجمع العلماء على كفرهم في كل مكان من علماء الحق؛ لأنهم قالوا: إن الشخص المدعو مرزا غلام أحمد نبي يوحى إليه بعد محمد عليه الصلاة والسلام، فكفرهم المسلمون، كفرهم علماء المسلمين قاطبة من أجل هذه الدعوى الخبيثة أن هذا الرجل نبي، وليس بعد محمد نبي عليه الصلاة والسلام.

فالواجب على من عرف هذه الأمور من إخواننا من مصر أو الشام أو العراق أو السودان أو غيرها من إفريقيا أو غير ذلك أن يجتهد في بيان الحق وإيضاحه لمن استطاع، لعل الله ينقذ به من شاء من عباده من هذه الجهالات والشركيات التي يفعلونها حول القبور.