الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه المحاضرة القيمة في موضوع عظيم من أخينا الشيخ الفاضل: الشيخ عبدالرحمن بن الحماد آل عمر فيما يتعلق بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لقد أجاد فضيلته وأحسن، ولقد وفى المقام حقه، فجزاه الله خيرًا، وزادنا وإياكم وإياه علمًا وهدى وتوفيقًا، ونفعنا جميعًا بما سمعنا وعلمنا، ورزقنا جميعًا الفقه في دينه والثبات عليه وحسن الختام، وبارك في أخينا، وجزاه الله خيرًا على ما بين، وعلى ما أوضح، والأمر كما قال، الأمر عظيم، ولاسيما في هذا العصر الذي انتشرت فيه أنواع المنكرات، وقل فيه دعاة الحق على عظم الأمر وعظم الخطب، وظهر فيه الشرك في كل مكان إلا ما شاء الله، ونشط أعداء الإسلام في ترويج كفرهم وضلالهم وأباطيلهم، ولكن بحمد الله لا تزال طائفة من هذه الأمة على الحق لا يضرها من خذلها ولا من خالفها حتى يأتي أمر الله، مع كثرة الباطل وكثرة أهله هناك بحمد الله دعاة للهدى وأنصار للحق في أماكن كثيرة يرجون ثواب الله، ويخشون عقاب الله، ويعنون بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، ويدعون إليهما مع العمل بهما والسير على ضوئهما، وهذا من نعم الله ومن فضله سبحانه وتعالى على عباده، ومن كريم لطفه بهم، وقد بين النبي عليه الصلاة والسلام أن هذه الأمة لا تزال طائفة على الحق لا تزال فيها طائفة على الحق لا يضرها من خذلها ولا من خالفها إلى قيام الساعة، وأخبر أن هذه الأمة لا تزال عند رأس كل مئة سنة يبعث الله لها من يجدد لها الدين بالدعوة إلى الله وتعليم الناس الإسلام وإنكار المنكر والأمر بالمعروف، ولا يلزم أن يكون هؤلاء المجددون في مكان معين، ولا أن يكونوا عددًا معينًا، بل قد يكونون في أماكن كثيرة، فيكون فيهم صاحب التفسير للقرآن، ويكون فيهم صاحب الحديث الشريف الداعي إليه والمعلم له، ويكون فيهم الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر، ويكون فيهم من يعلم العقيدة الصحيحة وينفي عنها تحريف الغالين وتأويل الجاهلين وانتحال المبطلين، ويكون فيهم من يعلم اللغة العربية التي بها يعلم كتاب الله وتعلم السنة على الأوجه الأكمل، ويكون فيهم من يتجول في البلاد للدعوة إلى الله عز وجل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ويكون فيهم أيضًا من يعلم الفقه الإسلامي وأصوله وأصول الحديث الشريف حتى تكون الأمة على بينة وعلى بصيرة في دينها من جميع الجهات، ولم تزل هذه الأمة كما قال النبي ﷺ في كل زمان يكون فيها الدعاة والأخيار والهداة إلى الحق، وقد يكثرون في بلاد وفي دولة ويقلون في بلاد أخرى ودولة أخرى، وقد يكون فيهم الواحد والاثنان في البلد، والثلاثة والأربعة في البلد الآخر، وهكذا حفاظًا على هذا الدين، وإبقاء له، حتى يأتي أمر الله.
فنسأل الله أن يجعلنا وإياكم من هؤلاء المنصورين الموفقين، وقد سمعتم أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل عظيم من أصول الإسلام حتى ألحقه بعض أهل العلم بأركان الإسلام؛ لأن قوام الإسلام بهذا الأمر، ولهذا قال الله جل وعلا: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ [آل عمران:110] المعنى: كنتم خير الناس للناس، أمة محمد صلى الله عليه وسلم المؤمنة هم خير الناس للناس، لماذا؟ لأنهم يعلمونهم ويرشدونهم ويدعونهم إلى الله، ويفقهونهم في دين الله، ويأمرونهم بالمعروف وينهونهم عن المنكر، فلهذا صاروا خير الناس للناس.