وقد نبه الشيخ إبراهيم على أمر آخر وهو أيضًا ما يتعلق بالاستنجاء، فانتقاص الماء هو الاستنجاء، والاستنجاء أبلغ في الطهارة من جهة الخارج من جهة البول والغائط، ولكن لا يتعين، فلو استنجى بالحجارة أو باللبن أو بالمناديل أجزأه ذلك، ولاسيما قد احتاج إلى هذا في البرية عند قلة الماء، وفي مواضع دورات المياه التي يحتاج فيها لكشف عورته وقد ترى عورته من غيره، فهو يحتاج إلى أن يكتفي بالاستجمار في بعض الأحيان حتى لا يحتاج إلى كشف عورة في مكان لا يناسب كشف العورة فيه.
فالمقصود أن الاستنجاء يكون بأمور ثلاثة: يكون بالماء وحده، وقد استنجى النبي ﷺ بالماء وحده، ويكون بالحجارة وحدها، وكثيرًا ما يستنجي بالحجارة وحدها عليه الصلاة والسلام ولا يستنجي بالماء، وهكذا العرب هذا طريقهم في الغالب، وهكذا الصحابة في الغالب عليهم الاستنجاء بالحجارة والاستجمار والاكتفاء بذلك عن الماء، والأمر الثالث الجمع بينهما يستنجي بما تيسر بالحجارة أو لبن أو تراب أو مناديل ثم يتبعه الماء؛ لأنه أنقى وأنظف، حتى لا يبقى أثر، ولكن يلاحظ في الاستجمار أن يكون بشيء طاهر من لبن طاهر حجر طاهر مناديل طاهرة خشنة تزيل الأذى ........ بل تكون حجارة خشنة يحصل بها إزالة الأذى لبن مناديل قطع خشب من الخشبات المناسبة تزيل الأذى إلى غير ذلك مما يحصل به إزالة الأذى، ويلاحظ مع هذا أن يكون ذلك لا ينقص عن ثلاث مسحات؛ لأن الرسول ﷺ نهى أن يستنجى بأقل من ثلاثة أحجار، رواه مسلم في الصحيح، وقال في حديث عائشة رضي الله عنها: إذا ذهب أحدكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار، فإنها تجزئ عنه، فإذا استنجى بثلاثة أو أكثر أجزأه عنه ذلك إذا أنقى المحل وطيب المحل، وإذا لم تكف الثلاث زاد أربعة خمسة وأكثر حتى ينقي المحل، والسنة أن يكون على وتر لقوله ﷺ: ومن استجمر فليوتر، يعني من السنة أن يقطع على وتر ثلاث أو خمس أو سبع هذا هو الأفضل، فإذا كفت الرابعة يستحب أن يزيد الخامسة، وإذا لم تكف زاد سادسة، وإذا كفت السادسة يستحب أن يقطع على وتر فيأتي بسابعة هذا هو السنة، ولا يجزي اثنتان ولا واحدة، لا بد من ثلاث فأكثر يزيل الأذى بثلاث حجرات أو لبنات أو أكثر حتى لا يبقى أثر، وإذا كان الحجر كبير له شعبة فأزال بكل شعبة حتى أزال الأذى وهي ثلاث فأكثر حصل المقصود، فالحاصل لا بد من إزالة الأذى بثلاث أو أكثر حتى لا يبقى أثر للغائط ولا البول، ثم يتوضأ وضوء الصلاة بعد ذلك، يتمضمض ويستنشق إلى آخره، يكمل وضوءه.