المقصود من الآيات والأحاديث أن نعمل، الله أنزل كتابه وأنزل السنة على رسوله عليه الصلاة والسلام للعمل، لا لمجرد أن نسمعها أو تتلى، ولكن للعمل، فالسماع والتلاوة والتوجيه كله وسيلة، والمقصود العمل، فعلى المؤمن أن يجاهد نفسه وعلى المؤمنة كذلك أن تجاهد نفسها في العمل فيما بلغهم من هذا الدين العظيم، وعدم التساهل، وقد سمعتم بحمد الله من المشايخ خيرًا كثيرًا وتوجيه عظيمًا وإرشادًا إلى أخلاق كريمة، فينبغي العناية بالعمل، وما أشكل على المؤمن سأل عنه أهل العلم، وإذا كان طالب علم يراجع كلام أهل العلم حتى يزداد علمًا، والنقص اليوم أشده وأعظمه في العمل، أما العلم فمتيسر يستطيع طالب العلم أن يراجع كلام الله ورسوله وكلام أهل العلم.
ويستطيع العامي أن يسأل إذا رغب في الخير يسأل، وأن يجتهد في سؤال من يظن أن عنده العلم، ولو بالسفر من بلاد إلى بلاد ومن منطقة إلى منطقة، العلم يطلب ولو بالسفر، كان أصحاب النبي ﷺ وهم القدوة وهم رأس العلماء هم الطبقة العليا من العلماء يرتحل بعضهم من بلاد إلى بلاد لطلب العلم من بعضهم، يرحل هذا إلى طلب العلم من أخيه الذي يراه أعلم منه بحديث أو حديثين أو أكثر من ذلك، يرتحلون من المدينة إلى الشام وإلى مصر وإلى غيرهما إلى إخوانهم من الصحابة ليزدادوا علمًا.
وهكذا من بعدهم من التابعين وأتباع التابعين ومن بعدهم يرتحلون، وبعضهم على قدميه من دون راحلة، بعضهم يمشي الأميال العظيمة والمسافات الطويلة على قدميه يطلب العلم من المغرب إلى المشرق، ومن المشرق إلى المغرب، من الحجاز إلى مصر إلى العرق إلى الشام، وبعضهم على ما تعلمون سابقًا من المطايا وما فيها من التعب، واليوم تسهل كل شيء، يستطيع الإنسان أن يسافر المسافات الطويلة في ساعات قليلة بهذه الوسائل الجديدة من السيارات والطائرات، وقد يكون عنده العالم في بلده وفي قريته يستطيع أن يتعلم ويسأل من دون كلفة، فالواجب طلب العلم والتبصر والعمل، يقول الرسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين متفق على صحته، هذا دليل على أن من أراد الله به خيرًا تفقه وتعلم وتبصر حتى يعمل، ومن لم يرد الله به خيرًا أعرض وغفل، وهذا خطر عظيم، الغفلة والإعراض خطر عظيم، ومن العلامات الدالة على أن هذا العبد لم يرد الله به خيرًا ولا حول ولا قوة إلا الله، ويقول أيضًا في الحديث الصحيح عليه الصلاة والسلام: من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله طريقًا إلى الجنة، هذا أيضًا خبر عظيم وبشرى عظيمة أن طلبك للعلم من أسباب وصولك إلى الجنة ونجاتك من النار، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.