- وعن أبي هريرة قال: قال رسولُ الله ﷺ: استَنْزِهُوا من البول؛ فإنَّ عامَّة عذاب القبر منه رواه الدَّارقطني.
وللحاكم: أكثر عذاب القبر من البول، وهو صحيح الإسناد.
- وعن سُراقة بن مالك قال: "علَّمنا رسولُ الله ﷺ في الخلاء أن نقعد على اليُسرى وننصب اليُمْنَى" رواه البيهقي بسندٍ ضعيفٍ.
- وعن عيسى بن يزداد، عن أبيه رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله ﷺ: إذا بال أحدُكم فَلْيَنْثر ذكرَه ثلاث مراتٍ رواه ابنُ ماجه بسندٍ ضعيفٍ.
- وعن ابن عباسٍ رضي الله عنهما: أنَّ النبيَّ ﷺ سأل أهلَ قُباء فقال: إنَّ الله يُثني عليكم، فقالوا: إنا نتبع الحجارةَ الماء.
رواه البزار بسندٍ ضعيفٍ، وأصله في أبي داود، وصحَّحه ابنُ خُزيمة من حديث أبي هريرة ، بدون ذكر الحجارة.
الشيخ: الحمد لله، وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: الحديث الأول يدل على وجوب الاستِنْزَاه من البول، والحذر من النَّجاسة، والغائط من باب أولى؛ لقوله ﷺ: استَنْزِهُوا من البول؛ فإنَّ عامَّة عذاب القبر منه، وفي روايةٍ للحاكم: أكثر عذاب القبر من البول.
وقد روى أحمدُ رحمه الله وابنُ ماجه مثلما روى الحاكم: أكثر عذاب القبر في البول، وهو حديثٌ جيدُ الإسناد، لا بأس به، يفيد الحذر من التَّسامح بالبول وعدم التَّحرز منه، بل جاء في الحديث الصحيح أن النبيَّ ﷺ مرَّ بقبرين فقال: إنَّهما ليُعَذَّبان، وما يُعَذَّبان في كبيرٍ، ثم قال: بلى، إنَّه لكبيرٌ، ذكر أنَّ أحدهما كان يمشي بالنَّميمة، وأمَّا الآخر فكان لا يَسْتَنْزِه من البول، فهذا فيه الحذر من النَّجاسة ولا سيَّما البول، وأنَّ الواجب الحذر منها، والحرص على الطَّهارة.
وحديث سُراقة أنه كان إذا جلس لحاجته قعد على اليُسرى ونصب اليمنى، وهو حديثٌ ضعيفٌ، ولا يصحّ عن النبي ﷺ، فالإنسان يقضي حاجته على ما يسَّر الله له، على الطريقة التي يراها أسلم في قضاء حاجته، أمَّا حديث سُراقة فهو حديثٌ ضعيفٌ لا يُعتمد عليه.
وهكذا حديث عيسى بن يزداد عن أبيه حديثٌ ضعيفٌ؛ لأنَّ عيسى مجهول، وأبوه مجهول، ونثر الذَّكَر يُسبب السَّلس، ويُسبب كثرة البول وخروجه متكررًا، فلا ينبغي النَّثر، بل ينبغي ترك ذلك وعدم تحريكه؛ لأنَّ تحريكه يُسبب سلس البول.
وفي حديث قصة أهل قباء دلالة على أنَّ الأفضل إتباع الحجارة الماء، وإن كان حديثًا ضعيفًا، لكن يدل عليه فعل النبي ﷺ، وأنه كان ﷺ يأتي الخلاء، فإذا قضى حاجته استنجى بالماء بعدما يقضي حاجته ويستجمر، فالأفضل أن يستجمر باللّبِن أو غيره، ثم يستنجي بالماء، هذا هو الأفضل؛ أن يجمع بينهما، وإن اقتصر على الحجارة كما تقدَّم كفى، كما تقدَّم في حديث سلمان: "نهى أن نستنجي بأقلّ من ثلاثة أحجارٍ"، وحديث عائشة: إذا ذهب أحدُكم إلى الغائط فليذهب معه بثلاثة أحجار، فإنَّها تُجزئ عنه، وتقدم حديثُ ابن مسعودٍ: أن النبيَّ ﷺ أمره أن يأتي بثلاثة أحجار، فأتاه بحجرين ولم يجد إلا الروثة في الثالثة، فألقى الروثة وقال: ائتني بغيرها.
فإذا استنجى بثلاثة أحجارٍ وأنقى المحلَّ، أو أربعة أو أكثر كفى، وأفضله أن يقطع على وِتْرٍ، فإذا أنقى بأربعةٍ يأتي بخامسٍ، وإذا أنقى بستةٍ فالمستحب أن يأتي بسابعٍ حتى يقطع على وترٍ؛ لقوله ﷺ: مَن استجمر فليُوتِر، وإن اكتفى بالماء فلا بأس أيضًا، لكن إذا جمع بينهما فهو أفضل.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: يقول الشارحُ على حديث عيسى بن يزداد: "إلا أنَّ معناه في الصَّحيحين في رواية صاحبي القبرين على رواية ابن عساكر".
ج: هذا معناه: استنزهوا من البول، ما هو في معنى فلينثر، فهو في معنى حديث: استنزهوا من البول، أما فلينثر فهذا ضعيفٌ، ومعناه ما هو بصحيحٍ أيضًا؛ لأنَّه يُسبب السَّلس.
س: هل عذاب القبر على عُصاة المؤمنين مستمرٌّ أم منقطعٌ؟
ج: الله أعلم.
س: ثلاثة أحجار للقُبُل والدُّبُر، أم لكلٍّ ثلاثة أحجار؟
ج: لكلِّ فرجٍ ثلاثة أحجار.
س: عدم الاستنزاه من البول يُعتبر من كبائر الذنوب؟
ج: نعم، من الكبائر.
س: يقول الشارحُ هنا: "ويُشترط للآخر ثلاثًا أيضًا، فتكون ستًّا؛ لحديثٍ ورد بذلك في "مسند أحمد""، ما أدري هل وقفتُم عليه سماحتكم؟
ج: ما وقفنا عليه، والمقصود ثلاثة أحجار، فالأحاديث صريحةٌ في هذا؛ في البول، وفي الغائط، فثلاثة أحجار للبول، وثلاثة أحجار للغائط، يعني: إذا اكتفى بها، أمَّا إذا كان يستنجي بالماء فلا يلزم ثلاثة أحجار، فإذا استنجى ولو بواحدٍ جاز إذا كان يستنجي بالماء.
س: سَلْت الذَّكَر؟
ج: لا يسلتُه، ولا ينثره؛ لأنَّ هذا من أسباب مجيء السَّلس.
س: هل إزالة النَّجاسة تكون من الثوب على الفور أو عند الصَّلاة؟
ج: لا، عند الصلاة، لكن ينبغي أن يُبادر حتى لا ينساها.
س: بعض النِّساء تقول: إذا لم أتمكن من السَّفر قبل أذان العصر، وقد جمعتُ الظهر مع العصر، ودخل وقتُ العصر وأنا ما زلتُ في الرياض، فما حكم صلاتي؟
ج: تُعيد صلاة العصر.
س: هي مُسافرة؟
ج: إن كانت مسافرةً فلا بأس، وإن كانت مقيمةً في بلدها وصلَّت قبل السَّفر فعليها أن تُعيد الصلاة.
س: مَن عطس أربع مرات؟
ج: كلما عطس يحمد الله.
س: هل يُشرع لمَن سمعه أن يُشمّته؟
ج: إذا سمعه يقول "الحمد لله"، ولو مئة.
س: طيب، ثلاث مرات؟
ج: مئة.
ج: أو ستّ لا بأس، لكن كونه يُوتر فيأتي بخامسةٍ أو سابعةٍ أفضل، أما الثالثة فلا بد منها، على ما فوق الثلاث؛ لأنَّ الرسول ﷺ نهى أن يُسْتَنْجَى بأقلّ من ثلاثة أحجارٍ.
س: ما .......... إذا أتبع أربعًا أصبحتْ خامسةً، وإذا كان ستًّا فهي سابعة .............؟
ج: لقوله ﷺ: مَن استَجْمَر فليُوتِر.
س: مَن استَجْمَر بالحجارة مع وجود الماء؟
ج: لا بأس، ولو مع وجود الماء؛ فالنبي عليه الصلاة والسلام قال: إذا ذهب أحدُكم إلى الغائط فليستجمر بثلاثة أحجارٍ، فإنها تُجزئ عنه.
س: إذا قدَّم الاستنجاء على الاستِجْمَار؟
ج: إذا استنجى بالماء فليس له حاجة في الاستجمار، فالاستجمار إنما يحتاج إليه قبل أن يُجفف المحلّ، ثم يستنجي.
س: قوله تعالى: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى [التوبة:108] هل هو مسجد قباء؟
ج: مسجد قباء، ومسجد النبي أفضل منه.
س: لكن ظاهر السياق؟
ج: مسجد قباء، ولكن مسجد النبي ﷺ من باب أولى، مثلما قال ﷺ: ومسجدي هذا.
س: تقول سائلةٌ: إذا سافرتُ إلى الرياض، وعند إقامتي في الرياض لم أجمع ولم أقصر، بل صليتُها كاملةً، وعند إرادتي العودة إلى مدينتي بُريدة بعد صلاة الظهر: هل يحقّ لي أن أجمع وأقصر الظهر مع العصر؟ مع العلم أني لم أكن أجمع ولا أقصر أثناء إقامتي في الرياض الأيام السَّابقة؟
ج: إذا كانت إقامتها أكثر من أربعة أيام فليس لها ذلك، أما إن كانت إقامتها أربعة أيام فأقلّ فلها أن تقصر، ولها أن تجمع.
س: لكن عندما نويت الآن؟
ج: ولو، إذا كانت إقامتها أربعة أيام فأقلّ فلها أن تقصر.
س: التأمين الصّحي للموظفين هل هو جائز؟
ج: التأمين ما يصلح، التأمين يُسمَّى: قمارًا؛ لأنه يُقَدِّم دراهم وكلما مرض هو أو عياله عالجوه بدون شيءٍ، وقد يستمر المرضُ ويأكل عليهم أموالًا كثيرةً.
س: والتأمين التَّعاوني جائز هو فقط؟
ج: التَّعاوني لمصلحة المسلمين أو لمصلحة الفقراء، والتأمين التَّعاوني هو: أن يجتمع خمسة أو ستة ويجمعون دراهم، ويتصدَّقون بها على إنسانٍ ضعيفٍ، أو يشترون بها حاجةً ويُوزِّعونها على الفقراء.