فالواجب على المؤمن أن يتقي الله، وأن يراقبه، وأن يحذر الربا الذي حذر الله منه عباده، وآذنهم بالحرب إنهم فعلوه كما قال : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ [البقرة:278-279]، لا نعلم في المعاصي شيئًا جاء فيه هذا الوعيد كما سمعتم في الندوة لا نعلم ذنبًا قال الله فيه بهذا اللعن يعني المحاربة إلا ذنب الربا نسأل الله العافية، فيجب الحذر مما حذر الله منه.
ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بالناس، يقول الناس: فعلوا، قال تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ [يوسف:103]، وقال : وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ [الأنعام:116]، فليست الكثرة قدوة في الباطل، الواجب اتباع الحق وإن قل أهله، ثم أيضًا يجب ألا يحمله حب المال والجشع في حب المال على تعاطي الربا أو الغش أو الخيانة أو السرقة أو النهب أو غير ذلك، يجب أن يكون حب المال مقيدًا بقيود الشريعة، ومن تقيد بها أفلح وبارك الله له فيما رزقه وكفاه القليل عن الكثير، يقول النبي ﷺ في الحديث الصحيح: قد أفلح من أسلم ورزق كفافًا وقنعه الله بما آتاه، خرجه مسلم في صحيحه، فالجشع يضر ولا ينفع ويورد الموارد المعطبة، فيجب الحذر من هذا الجشع، ويجب التقيد بقيود الشريعة فيما أحل الله لك من المكاسب وغيرها.
ولعظم هذا الأمر سمعتم ما جاء في الندوة من تلاوة فضيلة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله قوله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ [البقرة:172]، فبدأ بالأكل من الطيبات قبل العمل، وهو الشكر، فالشكر هو العمل لبيان عظم خطر الأكل الحرام، فإن أكل الحرام يفضي إلى فساد القلب ومرضه وقسوته أو إلى كفره ولا حول ولا قوة إلا بالله، فيجب على المؤمن أن يتقي الله، وأن يعتني بالحلال، وقال في حق الرسل وهم أشرف الناس: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون:51].
فالرسل أشرف الناس لكن لينتفع الناس وليمتثلوا وليستفيدوا عظم الأمر إذا كان الرسل يخاطبون بهذا أن يبدؤوا بالطيبات فكيف بغيرهم، فالواجب أن يعنى المؤمن بأكل الطيبات، ويتوخى بأكله وشربه غير ذلك من شؤونه ما أباح الله له، وليحذر ما حرم الله عليه في الربا وغيره، فكما حرم الله عليه الربا كذلك يحذر أن يكون أكله من طريق الرشوة، من طريق الخيانة، من طريق السرقات، من طريق المعاملات الفاسدة، يجب الحذر من جميع أنواع الخبث، حتى لا يأكل إلا طيبًا، وحتى لا يعمل إلا طيبًا.