وهنا مسألة قد يتشبث بها بعض الناس وهي مسألة الديون، الديون لك وعليك، سمعتم إذا كان لك ديون سمعتم ما في ذلك، إن كانت على معسرين أو مماطلين لا تجب عليك زكاتها؛ لأنك غير مالك لها كما ينبغي، فالمعسر والمماطل ليس لك قدرة على المال الذي عنده، فلا تجب زكاته حتى يسلمه لك، إذا سلمه لك حينئذ قدمت على إخراج الزكاة تستقبل بها حولًا مستقبلًا، وإذا أديت عما مضى زكيت عن سنة واحدة كما قاله جمع من أهل العلم وهذا حسن وفيه خير كثير، وهناك عليك ديون عند الناس وعليك ديون للناس فبعض الناس قد يدع الزكاة ويقول: عليه ديون، وهذه المسألة قد ....... عليها أهل العلم وبينوها، والواجب على أصح الأقوال أنها لا تمنع الزكاة هذه الديون، وأن الواجب عليك إخراج الزكاة التي في مالك الذي عندك، عندك أموال عندك أراضي عندك نقود في البنوك وغيرها عليك أن تؤدي الزكاة، والديون التي عليك يقضيها الله، أداء الزكاة من أسباب أن الله يوفي عنك ويقضي عنك دينك، وكثير من الأغنياء في الغالب كل غني له وعليه، له أموال كثيرة ويأخذ بديون ليوسع تجارته فلا يمنع هذا الدين الزكاة، ويزكي ما عنده، ويوفي الدين إذا يسر الله له الوفاء، وقد كان عليه الصلاة والسلام يبعث العمال إلى الناس ويأخذون منهم الزكوات ولا يسألونهم هل عليكم ديون؟ وهكذا لما بعث معاذًا إلى اليمن لم يقل تأخذ من أغنيائهم بعد فصل ما عليهم من الديون، ولم يذكر شيئًا حول الدين، وهكذا عماله التي تبعث إلى أهل الإبل والبقر والغنم وإلى أهل الأموال الأخرى لكن ما كانوا يسألونهم فيطالبونهم بزكاة أموالهم التي عندهم ولا يسألونهم عن ديونهم، ولم يحفظ أن أحدًا منهم أسقط دين فلان مما وجب عليه.
فالمقصود أن الواجب على العمال أن يأخذوا زكاة الموجود، والواجب على صاحب المال أن يخرج ما عنده، وإذا كان صادقًا حريصًا على وفاء الدين فليبدأ به قبل وقت الزكاة، إذا كان حريصًا على قضاء الديون فليبدأ بها قبل وجوب الزكاة، فإذا كانت الزكاة تجب عليه في رمضان فليبدأ بقضاء الديون في رجب في شعبان حتى يزكي ما بعدها مما بقي عنده من المال، تعطى الحقوق لأهلها ولا عليه شيء بعد ذلك، إذا أدى الديون التي عليه من المال زكى ما بقي ...... يمكن أن يؤدي الديون ويزكي الباقي، وإن كانت الزكاة تجب في رجب وعنده مثلًا ما يقابل عشرة ملايين نقود و ...... عشرة ملايين وعليه خمسة أو ثلاثة ملايين يزكي العشرة، وإذا كان حريصًا على قضاء الدين فليبادر بقضائه قبل رجب يعطي أهل الحقوق حقوقهم من هذا المال ويوفقهم حقهم ثم يزكي ما بقي قبل أن يأتي الحول، إذا كانت الزكاة تجب في رجب وعليه مليون مليونان ثلاثة فليبادر بأدائها إلى أهلها قبل رجب، قبل أن يتم الحول مما عنده ثم يزكي الباقي من الأموال، ويكون بذلك قد أحسن، قد أدى ما عليه، وأعطى الناس حقوقهم، ثم زكى الباقي.
أما أن تبقى عنده الأموال ويحتج بالديون التي قد يصدق فيها وقد يكذب وقد يكون مماطلا مؤذيًا لأهلها ...... بها الزكاة ولا يعطي أهلها ولا ينصفهم، فهذا ليس بعذر في أصح أقوال أهل العلم.
وأسأل الله أن يوفق الجميع لما يرضيه، وأن يمنحنا وإياكم العلم النافع والعمل الصالح، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعًا، وأن يعينهم على أداء الواجب، وأن يوفق حكام المسلمين لكل ما فيه رضاه والموافقة لشرعه الكريم، وأن يعينهم على تحكيم الشريعة في كل شيء.