1248- وَعَنْ عَبْدِالرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: لَا يُغَرَّمُ السَّارِقُ إِذَا أُقِيمَ عَلَيْهِ الْحَدُّ.
رَوَاهُ النَّسَائِيُّ، وَبَيَّنَ أَنَّهُ مُنْقَطِعٌ، وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: هُوَ مُنْكَرٌ.
1249- وَعَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ التَّمْرِ الْمُعَلَّقِ، فَقَالَ: مَنْ أَصَابَ بِفِيهِ مِنْ ذِي حَاجَةٍ، غَيْرَ مُتَّخِذٍ خُبْنَةً، فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ، فَعَلَيْهِ الْغَرَامَةُ وَالْعُقُوبَةُ، وَمَنْ خَرَجَ بِشَيْءٍ مِنْهُ بَعْدَ أَنْ يُؤْوِيَهُ الْجَرِينُ، فَبَلَغَ ثَمَنَ الْمِجَنِّ فَعَلَيْهِ الْقَطْعُ.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ.
1250- وَعَنْ صَفْوَانَ بْنِ أُمَيَّة : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ لَمَّا أَمَرَ بِقَطْعِ الَّذِي سَرَقَ رِدَاءَهُ، فَشَفَعَ فِيهِ: هَلَّا كَانَ ذَلِكَ قَبْلَ أَنْ تَأْتِيَنِي بِهِ.
أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَالْأَرْبَعَةُ، وَصَحَّحَهُ ابْنُ الْجَارُودِ، وَالْحَاكِمُ.
1251- وَعَنْ جَابِرٍ قَالَ: جِيءَ بِسَارِقٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ فَقَالَ: اقْتُلُوهُ، فَقَالُوا: إِنَّمَا سَرَقَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فقَالَ: اقْطَعُوهُ، فَقُطِعَ، ثُمَّ جِيءَ بِهِ الثَّانِيَة، فقال: اقتلوه، فذكر مثله، ثم جيء به الثالثة، فذكر مثله، ثُمَّ جِيءَ بِهِ الرَّابِعَة كَذَلِكَ، ثُمَّ جِيءَ بِهِ الْخَامِسَة فَقَالَ: اقْتُلُوهُ.
أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، وَالنَّسَائِيُّ، وَاسْتَنْكَرَهُ.
1252- وَأَخْرَجَ مِنْ حَدِيثِ الْحَارِثِ بْنِ حَاطِبٍ نَحْوَهُ.
وَذَكَرَ الشَّافِعِيُّ أَنَّ الْقَتْلَ فِي الْخَامِسَةِ مَنْسُوخٌ.
الشيخ: الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه.
أما بعد: فهذه الأحاديث كلها تتعلق بالسرقة:
فالحديث الأول: حديث عبدالرحمن بن عوف ، الزهري، أحد العشرة المشهود لهم بالجنة ، يروي عن النبي ﷺ أنه قال: لا يغرم السارقُ إذا أُقيم عليه الحدّ، ولكنه ضعيفٌ عند أهل العلم ومنقطع، فالسارق يغرم ويُقام عليه الحد جميعًا، يغرم ما أخذ من المال، ويُقام عليه الحد، هذا هو الحق الذي عليه أهلُ العلم، والحديث هذا ضعيفٌ لا يُحتجُّ به.
والحديث الثاني حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما: أنَّ النبي ﷺ لما سُئل عن الثَّمر المعلَّق، يعني في الشجر: من رطب، أو تفاح، أو غيره من الفواكه، قال: مَن أصاب بفيه من ذي حاجةٍ فلا شيء عليه، ومَن خرج بشيءٍ منه فعليه العقوبة والغرامة، وفي رواية النسائي وجماعة: غرامة مثلية... ومَن خرج بشيء من بعد أن يُؤويه الجرين فعليه القطع.
فهذا يدل على أن السارق إذا سرق من الثمر المعلَّق بفيه، يعني: أخذ، أكل بفمه من تمرات، أو تفاح، ..... لا شيء عليه؛ لأنَّ هذا في العادة يُتسامح الناس فيه، ولا قطع فيه، ولا عقوبة فيه، فإن خرج بشيءٍ منه فعليه العقوبة، وغرامة مثليه، يعني: مثله مرتين، مع جلدات إذا كان أكثر في روايةٍ أخرى عند النَّسائي بسندٍ صحيحٍ، أما مَن خرج بعد أن يؤويه الجرين -بعد أن يُحرز- فعليه القطع، الجرين هو الحوش الذي يُجمع فيه الثمر ونحوه، يقال له: الجرين، ويُسمَّى بأسماء أخرى، فالحاصل أنه بعدما يُؤويه الحرزُ يُقطع.
الحديث الثالث حديث صفوان بن أمية: أنه كان نائمًا في المسجد، وجاء إنسانٌ وسرق ثوبَه من تحت رأسه، فأمسكه وذهب به إلى النبي ﷺ، فأمر بقطعه، فقال له صفوان: أنا أسمح عنه، فقال له النبيُّ ﷺ: هلا كان ذلك قبل أن تأتيني به، هذا معناه أنَّ الحدود إذا بلغت الحاكم –السلطان- فلا شفاعةَ فيها ولا تسقط، بل يجب أن تُنفذ كما في الحديث الآخر: إذا بلغت الحدود السلطان فلعن الله الشافعَ والمشفعَ.
وفي حديث المخزومية: أتشفع في حدٍّ من حدود الله؟! فدلَّ ذلك على أنَّ السارق إذا سرق ما يقطع فيه ثم عفا عنه صاحبُ السرقة فالحدُّ ثابتٌ، والعفو إذا عفا عن ماله فلا بأس، أما الحق فيُقام عليه الحدّ.
وهكذا الحديث الأخير: حديث جابر في قطع اليد الثانية والرِّجْل الثانية، الحديث ضعيفٌ منكرٌ؛ لأنه من رواية مصعب بن ثابت، وهو ليِّن الحديث، وحديث الحارث بن حاطب كذلك مُنكر الحديث، وقد ذكر ذلك جماعةٌ من أهل العلم: كالنسائي وغيره، وذكر الشافعي رحمه الله أنه منسوخٌ عند الجميع، لو صحَّ يعني.
فالحاصل أنه إذا سرق في الثانية لا يُقطع، ولكن يُعزر ويُؤدب بما يراه وليُّ الأمر الحاكم أو السلطان: من سجن، أو جلدات، ولا يُقطع، بل تترك يده الثانية ورجله الثانية، كما أفتى بهذا عليٌّ ، هذا هو الصواب الذي عليه أهلُ العلم.
والحديثان -حديث جابر والحارث بن حاطب- حديثان ضعيفان، أو منسوخان، والصواب أنهما ضعيفان ومُنكرا المتن، وعلى قول الشارح رحمه الله أنَّ ذلك منسوخٌ، وقد حكى هذا القولَ أهلُ العلم.
وفَّق الله الجميع.
الأسئلة:
س: ما رُوي عن أبي بكرٍ أنه لما ..؟
ج: ضعيف، أنه ..... غير صحيح، ليس بصحيحٍ.
س: رجل أراد أن يقطع رمانةً من بستانٍ، فمنعه حارس فيها وقال: اذهب، فهل له أن يمنع هكذا؟
ج: نعم، النبي قال: من ذي حاجةٍ، إنسان محتاج، أما إنسان يمشي على بستانٍ يأكل أموال الناس، لا.
س: يُمنع؟
ج: ما فيه بأس، لكن إذا كان ذا حاجةٍ وأكل شيئًا ما عليه شيء، ولا أخرج شيئًا، إذا كان ما أخرج شيئًا إنما هو أخذ تمرات وأكلها ومشى.
س: في رواية النَّسائي: فعليه غرامة مثليه؟
ج: نعم صحيحة.
س: فهل هذا يدل على مشروعية التَّعزير بالمال؟
ج: نعم، هذا من أدلة التعزير بالمال، وهو صحيح عليه مع مثليه جلدات أيضًا، يُجلد جلدات نكالًا، تأديبًا له، بدلًا من القطع.
س: الزروع تُلحق بالثمر المُعلَّق؟
ج: نعم؟
س: من أكل من الزرع؟
ج: مثله .. مثل الثمر المعلَّق.
س: إذا منعه الناسُ إذن لا يأخذ، سواء تمرة أو تمرتين، ولا حتى مُعلقًا؟
ج : إذا مُنع لا يأخذ شيئًا.
س: قوله: هلا كان قبل أن تأتينا به، الشفاعة كيف تكون في قول النبي ﷺ، يعني: أنك تسمح عنه ولا تجيء أو كيف؟
ج: يسمح عنه قبل أن يذهب به إلى السلطان، إذا سمح عنه المسروق منه قبل أن يذهب به إلى السلطان لا بأس.
س: المقصود السماح وليس الشفاعة قبل ..؟
ج: السماح، السماح عنه.
س: عفا الله عنك، الآن البساتين .....، ويكون الباب مفتوحًا، هذا لو أخذ، دخل من البوابة وأخذ بعض الشيء؟
ج: عليه عقوبة مثليه، يُعاقب بجلدات نكالًا، ويغرم مثليه.
س: لم يأخذ، أكل في البستان فقط.
ج: إن كان ذا حاجةٍ لا بأس، وإن كان ما هو بحاجةٍ يُمنع، يُقال له: لا تأكل من أموال الناس، النبي قال: من ذي حاجةٍ، إنسان محتاج إلى الطعام: إما فقير، أو بعيد عن أهله محتاج.
س: هل الشرطة تُعتبر سلطانًا؟
ج: لا، السلطان: الأمير والحاكم، أو رئيس الهيئة، أو مدير الشرطة، إذا كان مُديرًا لا.
س: دون الشرط أن تجوز الشَّفاعة؟
ج: إذا وصل المدير أو المحكمة أو السلطان أو الأمير لا يشفع فيه.
س: المسجد أليس حرزًا؟
ج: لا، ما هو بحرزٍ ..... المسجد كله يدخله.
بَابُ حَدِّ الشَّارِبِ وَبَيَانِ الْمُسْكِرِ
1253- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ، قَالَ: وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَالَ عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ: أَخَفّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
1254- وَلِمُسْلِمٍ: عَنْ عَلِيٍّ فِي قِصَّةِ الْوَلِيدِ بْنِ عُقْبَةَ: "جَلَدَ النَّبِيُّ ﷺ أَرْبَعِينَ، وَجلد أَبُو بَكْرٍ أَرْبَعِينَ، وَجلد عُمَرُ ثَمَانِينَ، وَكُلٌّ سُنَّةٌ، وَهَذَا أَحَبُّ إِلَيَّ".
وَفِي الْحَدِيثِ: أَنَّ رَجُلًا شَهِدَ عَلَيْهِ أَنَّهُ رَآهُ يَتَقَيَّأ الْخَمْرَ، فَقَالَ عُثْمَانُ: إِنَّهُ لَمْ يَتَقَيَّأْهَا حَتَّى شَرِبَهَا.
1255- وَعَنْ مُعَاوِيَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ: أَنَّهُ قَالَ فِي شَارِبِ الْخَمْرِ: إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الثَّالِثَة فَاجْلِدُوهُ، ثُمَّ إِذَا شَرِبَ الرَّابِعَة فَاضْرِبُوا عُنُقَهُ. أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ، وَهَذَا لَفْظُهُ، وَالْأَرْبَعَةُ.
وَذَكَرَ التِّرْمِذِيُّ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ مَنْسُوخٌ، وَأَخْرَجَ ذَلِكَ أَبُو دَاوُدَ صَرِيحًا عَن الزُّهْرِيِّ.
1256- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: إِذَا ضَرَبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَتَّقِ الْوَجْهَ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
الشيخ: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومَن اهتدى بهداه.
أما بعد: فهذه الأحاديث تتعلق بشرب الخمر، والخمر هو كل ما خامر العقل، كل ما أسكر يُسمَّى: خمرًا، كما قال عمرُ ، والخمر ما خامر العقل كما يأتي، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: كل مُسْكِرٍ خمر كما يأتي أيضًا، فكل شرابٍ أو مأكولٍ أسكر فهو خمر، وما أسكر كثيرُه فقليله حرام كما يأتي، سواء كان من تمرٍ، أو عنب، أو عسل، أو شعير، أو غير ذلك، قال الله جلَّ وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ [المائدة:90- 91]، لما نزلت قال عمرُ : "انتهينا، انتهينا".
وكان الخمر أولًا مُباحًا، ثم نُهي عنه عند قرب الصلاة، قال: لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى [النساء:43]، وفي غير الصلاة يُشرع، ثم حرَّمه الله تحريمًا باتًّا لهذه الآية وما جاء في معناها، وفي قوله جلَّ وعلا: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا [البقرة:219]، فاشتبه على الناس، وقال عمر: "اللهم بيِّن، اللهم بيِّن"، فأنزل الله آية المائدة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ، فحُرمت تحريمًا باتًّا.
وفي حديث أنسٍ : أن النبي ﷺ أُتي برجلٍ شرب الخمر، فجلده بجريدتين نحو أربعين، وهكذا في عهد أبي بكر، فلما كان عمر استشار الناس وقال: إنَّ الناس قد تساهلوا في هذا الأمر، واستهانوا بالعقوبة، فقال له عبدالرحمن بن عوف الزهري أحد العشرة المبشرين بالجنة: أخفّ حدود الجلد ثمانون -حد القذف- فجعله عمر ثمانين؛ سدًّا لباب شرب المسكرات، لما أكثر الناس منها وتهاونوا بالحدِّ.
وهكذا قال عليٌّ : جلد النبيُّ ﷺ أربعين، وجلد الصديقُ أربعين، وجلد عمر ثمانين، وهذا أحب إليَّ، وجلد أربعين هو .
فالأصل أنه أربعون، وإذا رأى وليُّ الأمر أن يجعله ثمانين كما فعل عمرُ فهذه سنة كما قال عليٌّ: "كلٌّ سنة"، النبي عليه الصلاة والسلام قال: عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي، تمسكوا بها، وفي بعض الأحاديث أنه أمر أن يُزاد الشارب بالجريد والنِّعال والأيدي، فهذا يضرب بيده، وهذا بثوبه، وهذا بنعله، ثم تحدد الجلد بأربعين، وإذا جُلد ثمانون فهو سائغٌ؛ لكونه مما فعله عمرُ ، وهو خليفة راشد، ولأنه أزجر للناس وأبعد عن تناول هذا الأمر، ولأنَّ الرسول ﷺ لم يسنّه، يعني: لم يحد فيه حدًّا كما قال عليّ، لم يسنه يعني: لم يحد فيه حدًّا، تارةً يجلد بالنعال، وتارة بالأيدي والثياب، وتارة بالجريد، فدلَّ على أنه أقرب إلى التَّعزير، ولهذا جعله عمر ثمانين؛ حمايةً للعقول من هذا البلاء، وحماية للمسلمين من هذا البلاء.
والحديث الآخر أنه أُتي بشارب خمرٍ فقال: اجلدوه، ثم أُتي به فقال: اجلدوه، ثم أُتي به الثالثة فقال: اجلدوه، ثم أُتي به الرابعة فقال: اضربوا عنقه، ذهب جمعٌ من أهل العلم إلى أنه منسوخٌ، والمشهور عند العلماء أنه لا قتل فيه، وإنما فيه حدٌّ وإن تكرر، والأكثرون على أن القتل منسوخٌ، وقد جاءت له شواهد تدل على القتل، وجاءت أحاديث تدل على أنه لا يُقتل، والأصل حُرمة دم المسلم، فإذا جُلد في الرابعة والخامسة حتى ينتهي فهذا أحوط من قتله؛ خروجًا من الخلاف، والمسألة ذات خلافٍ، ومهمة عظيمة تحتاج إلى مزيد عنايةٍ.
ويقول ﷺ: إذا ضرب أحدُكم فليتَّقِ الوجه، يجوز للإنسان أن يضرب في ظهره، في جنبه، لكن يتَّقي وجهه؛ لأنه قد يُصيبه في وجهه شيء يضرُّه كثيرًا، ولهذا قال ﷺ: إذا ضرب أحدُكم فليتَّقِ الوجه، لا في الحدود، ولا في غيرها، يجب أن يتَّقى الوجه، لا يضرب الوجه، لا في حدٍّ ولا غيره.
والمقصود تأديبه، وليس المقصود قتله، وليس المقصود تشويه خلقته، فيُجلد في غير الوجه، وهكذا على الرأس؛ لأنَّ الرأس خطر أكثر.
الأسئلة:
س: الصواب في نجاسة هذه الخمور؟
ج: الجمهور على أنها نجسة، الأكثرون على أنها نجسة يجب توقّيها، إذا أصابت الثوبَ والبدنَ يُغسل منها، وذهب بعضُ أهل العلم إلى أنها طاهرة؛ لأنها إما تمر أو نحوه اشتدَّ، فلا يخرج عن أن يكون نجسًا بهذا، ولكن نجاسته نجاسة تحريم.
س: الدليل على نجاستها؟
ج: رجس، والرجس يعني: مُحرَّم خبيث، وبعض أهل العلم استدلَّ بالرجس على أنه النجس، ولكن الرجس يُطلق على الخمر وعلى الميسر، والميسر معاملة، ما هي بشيء يتنجس، معاملة: قمار، والأنصاب والأزلام كذلك ما هي نجسة.
س: والأرجح أنه طاهر أم نجس؟
ج: الأقرب والله أعلم أنه طاهر إذا أصاب الثوبَ أو أصاب البدن، لكن إذا غسله احتياطًا خروجًا من الخلاف يكون أحسن وأحوط.
س: ما توجد قراءة لهذه الآية: بنجس؟
ج: لا، لا، رجس من عمل الشيطان، رجس مُحرَّم.
س: حديث معاوية رضي الله عنه يكون من باب التَّعزير؟
ج: على قولٍ به ..... عند بعض أهل العلم من باب التَّعزير.
س: ما رأيكم بما قرره الشيخُ أحمد شاكر بقتل ..؟
ج: الشيخ أحمد شاكر قرر هذا، وذكر الروايات والشواهد، ولكن محل نظرٍ، الأصل الحُرمة، ما دام هناك خلافٌ فالأحوط الاستمرار في جلده؛ لعلَّ الله يتوب عليه فيتوب.
س: العطور استعملها بكثرةٍ هل يعني أنها تكون نجسة؟
ج: نعم؟
س: العطور تكون فيها نسبة كبيرة من الكحول؟
ج: يأتيكم الحديث إن شاء الله في الدرس الآتي: ما أسكر كثيرُه فقليله حرام يأتي.
س: في الحدود ما يضرب في الرأس، وإذا كان يُراد قتله مثل: الزاني المُحصن، ما يُضرب بالرأس، هذا ليس تأديبًا، هذا يعني قتله؟
ج: محل نظرٍ، ....... الله أعلم أنه لا بأس به؛ لأنَّ المقصود من الرجم قتله، لكن لا يُتعمّد الوجه فقط.
س: يعني الرأس من الخلف وكذا؟
ج: ما أعلم مانعًا من الرأس في حقِّ المرجوم، لكن الوجه لا يُقصد الوجه، أما الذي يجلد فلا يضرب رأسه، التأديب لا يضرب رأسه.
س: ..... تلذذ بجسده كله فيُرجم حتى وجهه؛ لأنَّ المُحصن تلذذ بوجهه في زناه؟
ج: لا، الرسول قال: إذا ضربتُم فاتَّقوا الوجه، الرسول عمَّم، ما قال: إلا في الزنا.
س: هل المُخدرات خمر؟
ج: كل ما أسكر فهو خمرٌ.
س: لأنَّ هناك حبوبًا؟
ج: كل ما أسكر فهو خمر: حبوب، أو شراب، أو أكل.
س: يعنى يُسمَّى: خمرًا؟
ج: كل ما غيَّر العقل يُسمَّى: خمرًا.
س: ما المراد بالوسيلة في قوله: وآتِ محمدًا الوسيلة التي وعدته؟
ج: منزلة في الجنة عالية رفيعة.
س: وهي أعلى الجنَّات؟
ج: أعلى ما في الجنة، جعلها الله لنبيه عليه الصلاة والسلام.
س: هل يقرأ: وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى [البقرة:125] عند صلاة ركعتي الطَّواف؟
ج: إذا فرغ من الطواف نعم، مثلما قرأها النبيُّ ﷺ.
س: حدُّ الخمر من باب التَّعزير، ليس فيه حدٌّ معينٌ؟
ج: في حدِّه ثمانون مثلما مضى عليه الصحابة، ومضى عليه المسلمون؛ ثمانون جلدة.
س: لكن ما يُزاد عليه إذا رأى الإمامُ؟
ج: لا، ثمانون فقط.
س: والعبد يُجلد نصف الحرِّ؟
ج: نعم، أربعون.
س: ما يكون أربعين، والزيادة ليست واجبةً؟
ج: لا، ثمانون كما استقرَّ عليه عملُ الصحابة، والنبي عليه السلام قال: عليكم بسُنتي، ولم يُحدد حدًّا عليه الصلاة والسلام، بل ضربه بالجريد والنِّعال، ما حدد حدًّا.
س: إذا استقرت ثمانون؟
ج: ثمانون نعم.
س: وليس لأحدٍ أن يزيد؟
ج: لا، لا، بركة، يكفي.
س: ما الحكم في استخدام الكولونيا التي فيها كحول؟
ج: الواجب عدم استخدامها، الواجب تركها وعدم استخدامها؛ لأنه وسيلة للشرب.
س: هل تنجس؟
ج: فيها خلافٌ كما سمعتم: الجمهور على أنها تنجس، والقول الآخر أنها لا تنجس؛ لأن الصحابة لما حُرمت عليهم الخمور أراقوا التي عندهم في الأسواق، فاستدلَّ بعضُ أهل العلم قال: لما أراقوها في الأسواق فهذا دليلٌ على أنها عندهم ليست نجسةً.
س: الحديث الذي رواه أبو داود في لعن شارب الخمر وبائعها ومُبتاعها؟
ج: صحيح، صحيح، الخمر ملعونة، لعن الله الخمر، وشاربها، وساقيها، وعاصرها، ومُعتصرها، وحاملها، والمحمولة إليه، وبائعها، ومُشتريها، وآكل ثمنها، لعن عشرةً فيها.
س: هناك بعض الحبوب في المُستشفيات تُساعد في النوم؟
ج: هذا ما يُسمَّى: خمرًا، الخمر يحصل به إسكارٌ وتغير العقل.
س: ولكن يُؤثِّر في العقل؟
ج: هذا لأجل أنه يُخفف على المريض، العلاج يُخفف على المريض ويزول، مجرد أنه يُميت اللحم بعض الشيء حتى لا يحسّ بالألم.