بيان أهمية الزكاة ووجوب إخراجها

وأموالها وأصناف الواجب في تلك الأموال وبيان أهلها إلى غير ذلك مما بين في المحاضرة ولقد أجاد وأفاد وأوضح في هذا الموضوع ما ينبغي إيضاحه فجزاه الله خيرا وضاعف مثوبته وزادنا وإياكم وإياه علما وهدى وتوفيقا ونفعنا جميعا بما سمعنا وعلمنا لا ريب أن موضوع الزكاة موضوع عظيم وقد سمعتم ما تفضل به المحاضر من كونها أحد أركان الإسلام الخمسة  وأحد مبانيه العظام فالزكاة ركن عظيم من أركان الدين الحنيف كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: بني الإسلام على خمس شهادة ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وحج البيت متفق على صحته ومعنى على خمس أي على خمس دعائم فهذه الخمس هي دعائم الإسلام وأركانه العظام وعرفتم ما فيها من المصالح العظيم ولهذا أكثر الله من ذكرها في كتابه العظيم وقرنها بالصلاة  التي هي العمود الأعظم بعد الشهادتين لهذا الدين العظيم وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ [البقرة: 43] وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ [البينة: 5] فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ [التوبة: 5] فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة: 11] وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [النور: 56] في آيات كل هذا يدل على عظم شأن هذه الزكاة وهكذا النبي ﷺ في أحاديث  كثيرة قرنها بالصلاة ومن ذلك ما ذكر في حديث معاذ لما بعثه إلى اليمن فإنه أمره أن يدعوهم أولا إلى توحيد الله والإخلاص له والإيمان برسوله عليه الصلاة والسلام ثم إلى الصلاة ثم إلى الزكاة وهكذا في حديث ابن عمر يقول ﷺ أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ألا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله والمقصود أن الزكاة كما سمعتم في المحاضرة أمرها عظيم وكثير من المسلمين قد يقصر فيها ولا يعتني بإخراجها كما يجب فالواجب أن يعتنى بهذه العبادة العظيمة وأن يحرص المؤمن على التخلص منها ففيها مصالح كبيرة أولا : فيها شكر الله جل وعلا على ما أنعم به عليك أعطاك المال ويسر لك أسبابه فاشكر الله جل وعلا ومن شكره أن تؤدي هذا الحق العظيم لأهله ومن شكره أن تستعين به في طاعة الله من شكر الله على هذا المال أن تستعين به على طاعة الله فتحافظ على الصلوات الخمس كما أمر الله وتؤدي الزكاة من هذا المال تصوم رمضان تحج البيت حج الفريضة إذا استطعت تجاهد في سبيل الله بمالك وبنفسك عن استطاعة تنفق في وجوه البر والإحسان تنفق على أهلك وعلى أولادك تكرم ضيفك إلى غير هذا من وجوه الخير فمن شكر الله أن تستعين به على أداء ما أوجب الله وعلى ترك ما حرم الله ومن أعظم الشرك أن تؤدي هذا الحق وأن تصرفه في أهله طاعة لله وتعظيما له وشكرا له سبحانه وإحسانا إلى عباده ثم هو تطهير لك وأيضا لمالك فهو طهرة لك ولمالك خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا [التوبة: 103] فالمزكي قد زكى نفسه وزكى ماله بما أخرج مما أوجب الله عليك وقد أحسن إلى عباد الله بما أعطاهم من هذا المال الذي أوجبه الله عليه وبذلك يخلص من صفات الشح والبخل والإمساك من طبيعة الناس البخل إلا من عصم الله ورحم فبإخراج الزكاة تبتعد عن صفة البخلاء والأشحاء وتؤدي الواجب وتبتعد عن غضب الله وعقابه