بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها أصحاب الفضيلة: الشيخ إبراهيم بن عبدالله الغيث، والشيخ محمد بن منيع، والشيخ عبدالله الريان، في موضوع له أهميته، وهو موضوع الساعة، وقبله موضوع التبرج والسفور والاختلاط، قد أوضح المشايخ في هذه الندوة ما ينبغي إيضاحه، وقد أجادوا وأفادوا، جزاهم الله خيرًا، وضاعف مثوبتهم، وزادنا وإياكم وإياهم علمًا وهدى وتوفيقًا، ونفعنا جميعًا والمسلمين بما ذكروا، وبما بينوا، وهدانا جميعًا صراطه المستقيم.
التبرج والسفور والاختلاط أدواء موجودة، وأدواء خطيرة، وأمراض في المجتمع يجب أن يعتنى بعلاجها، وقد أوضح المشايخ الكثير من مضار هذه الأدواء، وهذه الأمراض، وأوضحا شيئًا مما يتعلق بالعلاج من هذه الأدواء، ونسأل الله أن يوفق للعمل، وأن يهدي إخواننا المسلمين، وأن يوفق الأزواج والآباء والأمهات والدولة والعلماء والهيئة وسائر المسلمين بالتعاون في علاج هذه الأمراض، وأن ينفع بالعباد، وأن يهدي إخواننا المسلمين.
لا شك أن الموضوع كما قال المشايخ خطير جدًا، ولا يجوز أن يكون اللوم على جهة معينة فقط كالهيئة أو الدولة أو العلماء وحدهم، بل الواجب مشترك، والخطر عظيم، والعلاج متعين على الجميع، لكنه على الدولة والعلماء والهيئة أكبر مما على غيرهم، وعلى الآباء والأمهات والأزواج والأولياء جميعًا قسط كبير من ذلك، فعلى زوج المرأة وعلى أخيها وعلى أبيها وعلى بقية أوليائها العناية بهذا الأمر، وأن يمنعوها من الخروج إلى الأسواق ونحوها، إلا لحاجة ماسة، مع التقيد بما شرع الله من الحجاب والستر والبعد عن أسباب الفتنة، وعلى الهيئة الإنكار بواسطة الرجال الذين يختارون لهذا الأمر لعلمهم وفضلهم واتزانهم وغير هذا مما يتعلق بهذا الأمر؛ ليقوموا بواجبهم في نصيحة أولئك النساء، ونهيهن عن هذا المنكر الذي يقع منهن.
وعلى الدولة وفقها الله أن تعنى بهذا الأمر عناية كاملة، وأن تعين الهيئة على واجبها، وأن تعمل ما تستطيع من تقليل هذا المنكر، ولاسيما بواسطة وزارة الإعلام، فإن عليها واجبًا كبيرًا مما يتعلق بمنع المجلات الخبيثة والصحف الخبيثة، وكذلك ما يتعلق بالإذاعة والتلفاز والصحافة أن تكون هذه الأجهزة وهذه الوسائل مطهرة مما يضر المجتمع، يجب أن تطهر، ويجب أن تصان عما يضر المجتمع، وأن تكون مشغولة بما ينفع المجتمع بما يراه وبما يسمعه وبما يقرأه، حتى يستفيد المجتمع رجالًا ونساء من هذه الوسائل فيما ينفعه في ديناه ودنياه، ويجب أن تمنع وتطهر من كل ما يضر المجتمع، وهذا يتعلق بوزارة الإعلام وبالدولة، فالواجب عليها عظيم، ونسأل الله أن يوفقها لذلك، وقد بذلت كثيرًا ولكن يجب أن يكون المبذول أكثر، وأن تطهر هذه الوسائل، وأن تمنع من كل ما يضر المجتمع من مسلسل أو غير ذلك من سائر ما يضر المجتمع من أغاني خبيثة والمجلات الخبيثة والصحف الخبيثة والمسلسلات الضارة إلى غير ذلك.
وكل شيء له علاج يقول النبي ﷺ: ما أنزل الله داء إلا أنزل له دواء علمه من علمه وجهله من جهله، ويقول النبي ﷺ: لكل داء دواء، فإذا أصيب دواء الداء برء بإذن الله، فكما أن أمراض البدن وأمراض المجتمع بغير هذا الشيء لها أدوية، فهكذا هذه الأمراض التي تفتك بالأخلاق تفتك بالأعراض تفتك بالدين وتفسد الإيمان أو تضعف الإيمان يوجد لها دواء، وهو إنكار المنكر، وهو الأمر بالمعروف، والضرب على يد المفسدين بكل ما يستطاع حتى يستقيم المجتمع على الحق، وحتى يمتنع من الباطل، وهذا من جهة الوافدين من الخارج، يجب أن يعلموا، وأن يؤخذ على أيديهم، وأن يوجهوا حتى يستقيموا على الطريق المستوي على الطريق السوي في هذه البلاد في جميع أرجائها، وهم متقيدون، المصلحة لهم والحاجة لهم فلا بد أن يتقيدوا بما تفرضه عليهم الدولة، وعلى الهيئات وعلى غير الهيئات المراقبة، وعلى نسائنا وعلى رجالنا العناية بهذا الأمر، وبالإمكان أن يعالج أمر النساء في تبرجهن بأمور كثيرة منها أن يتولى الرجال قضاء حاجاتهن في الأسواق، وألا يخرجن، بل يتولى الأمر زوجها وأبوها وأخوها وابنها وغير ذلك، وفي الإمكان أيضًا أن تمنع بالقوة إذا أظهرت المنكر بالتأديب، إذا عرفت أن هناك تأديبًا، لأن بعض النساء لا تعرف وليس معها ولي حتى يقام على وليها، وحتى يبين له ما يجب، فإذا علمت أن هناك تأديبًا أو ضربًا ولو خفيفًا أو شيئًا ....... من الأشياء التي تفسد عليها بعض ملابسها أو نحو ذلك كل هذا من العلاج، وهذا يحتاج إلى عناية كبيرة من أولي الأمر حتى يضعوا العلاج الناجع الذي يتولاه أعضاء الهيئة، ومن يكون معهم من الجنود حتى يعلم ذلك وينشر في الصحف، ويبين من طريق الإذاعة والتلفاز حتى يعلم الناس أن هناك علاجًا، وأن هناك روادع عن هذا الفساد، وهذا الشر، فتبرج النساء شره عظيم.
وتبرج النساء عرفتموه وهو إظهار محاسنهن ومفاتنهن وخروجهن بالطيب وخروجهن مع غير المحارم مع السائق الخطير وغير ذلك، كل هذه أمور سمعتموها من المشايخ، والواقع أكثر مما سمعتم، ولكن المهم العمل، المهم أن يكون الزوج يستفيد، والأب يستفيد، والأخ يستفيد، والجار يستفيد، والآخر يستفيد، حتى يحصل التعاون والتناصح بين الجيران وبين الإخوان وبين الأقارب فيما يتعلق بالنساء، وفيما يتعلق بغير النساء، فيما يتعلق بالمحافظة على الصلاة في جماعة، فيما يتعلق بالحذر مما حرم الله من الزنا والفواحش وغير ذلك، وفيما يتعلق بالنساء وحفظهن وصيانتهن ومنعهن من أسباب الفساد الذي يضرهن ويضر أسرهن ويضر أزواجهن ويضر أقاربهن.
إفساد المرأة ليس خاصًا بها، بل يضرها، ويضر مجتمعها، ويضر أقاربها، ويضر زوجها، ويضر أولادها، فالواجب التعاون الذي فيه الإخلاص وفيه الصدق وفيه الحكمة، حتى يقل الشر، وحتى يكثر الخير، وحتى تحمد العاقبة -إن شاء الله- بسبب التناصح الكامل، والتعاون الكامل في جميع ما يتعلق بإصلاح الأوضاع في جميع ما يتعلق بعلاج ما وقع من النساء وغير ذلك، حتى يظهر الخير ويكثر الخير وحتى يقل الشر، وحتى يختفي، وليس هذا بحمد الله بعزيز، بل هو ميسر مع الصدق والإخلاص والتعاون الصادق على البر والتقوى، ومع قيام الدولة بما يجب عليها من طريق وزارة الإعلام من طريق القوى العاملة مع الهيئة إلى غير ذلك مما يحصل به التعاون. ونسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.
ولا شك أن من أضر الأشياء ما يرد على البلاد من المجلات الخبيثة، والصحف الخبيثة، وما يسمع في الإذاعات الخارجية والداخلية في بعض الأحيان، وما يقع في التلفاز وما يقع في غير ذلك، فإن كثيرًا من الناس لا يستفيد من هذه الإذاعة الداخلية، بل يسمعون إذاعات كثيرة، ويشاهدون تلفازًا منوعًا في جهات كثيرة من المملكة، فالحاصل أن هذا البلاء خطره عظيم، وشره مستطير، ويحتاج إلى العناية التامة من جميع المجتمع، وعلى العلماء والخطباء في الجوامع أن يبينوا هذا الشيء، وأن يكرروا فيه الوعظ والتذكير والنصيحة، العالم في كل مناسبة، والخطيب في كل مناسبة إلى غير ذلك، فالتعاون ينفع المجتمع في دينه ودنياه، والغفلة والإعراض هذا هو الداء العظيم الداء العضال الذي يضر الجميع.
نسأل الله للجميع الهداية والصدق في التعاون والتناصح، ونسأل الله أن يهدي رجالنا ونساءنا لما فيه رضاه، ولما فيه صلاحهم.