ولما ذكر سبحانه صفات عباد الرحمن قال في آخرها: وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ [الفرقان:72] يعني: لا يحضرون المنكر، ولا يشهدون بالزور الذي هو المنكر، فهم لا يحضرون المنكرات والمحرمات؛ لأن إيمانهم بالله يمنعهم من حضور المنكرات والفساد، كما يمنعهم إيمانهم من قول الزور إذا كانوا لا يحضرونه، فكيف ينطقون به؟ فعباد الرحمن هم أهل الإيمان، لا يحضرون المنكرات، ولا يشهدون القمار، لا يشهدون الزنا، لا يشهدون مجامع الشر والفساد والخمور، لا يشهدون الزور كله، يعني: المحرمات لا يحضرونها، فإذا كانوا لا يحضرون الزور فمن باب أولى ألا ينطقوا به، وألا يفعلوه، لأن إيمانهم يمنعهم من ذلك، ولأن صدقهم في عبادة الله يمنعهم من ذلك، هكذا أهل الإيمان والتقوى، لا يشهدون بالزور، ولا يحضرون الزور، ولا يفعلون الزور، وسمي المحرم والمنكر زورًا؛ لأن أهله يزينونه، يزورونه، يحسنونه حتى يشتبه على الناس، وحتى يحضره الناس بسبب ما يقع من التحسين من أهل الباطل في باطلهم.
الجمعة ٢٠ / جمادى الأولى / ١٤٤٦