ويقول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كل خير ثم قال: احرص على ما ينفعك، واستعن بالله، احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجزن، فإن أصابك شيء، يعني مما تكره فلا تقل: لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل قدر الله وما شاء فعل، فإن لو تفتح عمل الشيطان، فالمؤمن يجتهد في الخيرات ويجتهد في أسباب النجاة والسعادة مع نفسه ومع ولده ومع زوجته ومع أهل بيته ومع إخوانه المسلمين، يبذل الوسع والله هو الموفق الهادي ، والله جل وعلا شرع لنا أسبابًا وأمرنا بها، وهو الموفق لمن يشاء ، وهو الهادي جل وعلا وهو المعين، يقول سبحانه: وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ [النحل:53]، ما فينا من نعمة وما أعطانا من نعمة هذا منه ، والتوفيق بيد الله، والهداية بيد الله جل وعلا، فأنت خذ بالأسباب النافعة، واحذر الأسباب الضارة، وسل ربك التوفيق والعناية في ذلك، جاء في حديث ابن عباس: إذا سألت فاسأل الله، وإذا استعنت فاستعن بالله، وجهه إليه ، والرب هو المستعان، وهو المعبود جل وعلا، وهو المسؤول سبحانه وتعالى، بيده الضر والنفع، وبيده العطاء والمنع .
ثم قال: واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك بشيء لم يكتبه الله لك، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، فالأمة بأولها وآخرها وصحيحها وسقيمها ومؤمنها وكافرها لو اجتمعوا على أي شيء ينفعونك به والله ما كتبه لك لم يقدروا، ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء والله لم يقدره عليك لم يقدروا، وهذا يوجب الثقة بالله، والاعتماد عليه، وأن بيده كل شيء ، وبيده صلاحك وصلاح أولادك، وبيده صلاح الأمة كلها، وبيده عزهم وخذلانهم، فالواجب الاتكال عليه وسؤاله، والضراعة إليه، والصدق في معاملته، والقيام بحقه، والجد في طاعته، والحذر من معصيته، هذه هي الأسباب التي بها الهداية والتوفيق، فبها النصر والتأييد، لا بغناك ولا بقوتك، ولا بجاهك وسلطانك، ولكنه بيد الله ، وإنما أنت بيدك الأسباب التي أعطاك الله إياها، أعطاك السمع أعطاك البصر أعطاك العقل أعطاك المال أعطاك السلطان على حسب حالك فنفذ ما استطعت في طاعة ربك، واحذر أن تستعمل ذلك في عصيانه .