وكثير من هؤلاء الذين أحدثوا هذه البدع أحدثوا معها أنواعًا من الشرك، فتجدهم يغلون في الرسول ﷺ، وفيمن يعظمون من الناس كعلي والحسين والبدوي في مصر، وكالشيخ عبد القادر الجيلاني في العراق، وابن عربي في الشام، وآخرين يعظمونهم ويغلون فيهم عند اجتماعهم على الاحتفال بموالدهم وفي غير ذلك، وهذه ثمرات الغلو، وثمرات البدع، ثمرات الغلو والبدع الشرك بالله عز وجل، تنتهي بالناس إلى الشرك بالله وإلى عبادة غيره، فإنه عند المديح ما يدعه الشيطان يقف عند حد، فإذا جاء المديح جرهم الشيطان إلى الشرك بالله ، حتى يمدحوا الرسول ﷺ أو غيره من الناس في الشرك بالله الشرك الأكبر، ويقال أنه يستغاث به وأنه ينذر له وأنه يكشف الكربات ويعلم الغيوب إلى غير ذلك من الشرك العظيم، نعوذ بالله هذا من المدح، يجرهم الشيطان في مدحهم حتى يقعوا في الشرك الأكبر، وحتى يقولوا في الرسول ﷺ أنه يعلم الغيب، والله هو الذي يعلم الغيب كما قال : قُلْ لَا يَعْلَمُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ [النمل:65]، وقال سبحانه: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ [الأنعام:59] ، ويقولون فيه: إنه يغيث الملهوفين، وينصر المسلمين على عدوهم بعد موته عليه الصلاة والسلام، ويفعل ويفعل حتى قالوا: إنه يعطي الجنة من يشاء ويمنعها من يشاء، وقالوا: إنه اللوح المحفوظ وما فيه، وأنه من جوده الدنيا وضرتها، هذا كله من الجهل بالله، حتى قال البوصيري في قصيدته المعروف البردة يقول في قصيدته المشهورة التي يحفظها كثير من الناس ويتخذونها وردًا في الصباح، وفيها الشرك الأكبر، ويتلونها في الموالد يقول فيها:
يا أكرم الخلق ما لي من ألوذ به سواك |
يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم يخاطبه يقول:
يا أكرم الخلق مالي من ألوذ به | سواك عند حلول الحادث العمم |
يعني يوم القيامة
إن لم تكن في معادي آخذا بيدي | فضلًا وإلا فقل يا زلة القدم |
فإن من جودك الدنيا وضرتها |
يعني الآخرة
ومن علومك علم اللوح والقلم |
هذا يقوله إنسان يؤمن بالله واليوم الآخر؟! يعقل ما يقول نعوذ بالله ؟! كل شيء جعله للنبي ﷺ! ما جعل لله شيئا! من جود الدنيا وضرتها، ضرة الدنيا الآخرة، والمعنى فإن من جودك الدنيا والآخرة، والله يقول: فَلِلَّهِ الْآخِرَةُ وَالْأُولَى [النجم:25]، وهؤلاء يقولون: لا، لمحمد الآخرة والأولى، هذا يقوله عاقل؟ هذا يقوله من يفهم الدين؟!
ومن علومك علم اللوح والقلم
يعني كل الغيوب عنده يعلمها، وهو صلى الله عليه وسلم نفى ذلك وأخبر أنه لا يعلم الغيب عليه الصلاة والسلام، ولما وقع ما وقع على عائشة ورماها المنافقون وبعض الجهلة وبعض من اغتر بالمنافقين ورماها بالفاحشة توقف عليه الصلاة والسلام ولم يعلم الحقيقة حتى أنزل الله براءتها في القرآن في قوله سبحانه: إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [النور:11]، فالله جل وعلا أعلمه بذلك، وقد سألها وسأل غيرها ليس عنده علم بالواقع، حتى أخبره الله ، ولما ضاع عقدها في غزوة من الغزوات ضاع عقد لها من حلقها سقط، بعث من يلتمسه يدورونه في مكانهم، فالتمسوه ولم يجدوه، ولم يعلمه ﷺ حتى قام البعير فوجدوه تحت البعير، قام البعير فوجدوا العقد تحت البعير، ولا علمه النبي ﷺ، ولا علمه الصحابة، والصحابة سادات الأولياء وأفضل الأولياء بعد الأنبياء، فالرسول والصحابة والأولياء لا يعلمون الغيب، علم الغيب لا يعلمه إلا الله جل وعلا لا يعلمه أحد، فهذا محمد أفضل الخلق، وأفضل الأنبياء لم يعلم ما جرى على عائشة، ولم يعلم عقدها الذي ضاع أين هو حتى قام البعير فوجدوه، وأصحاب النبي ﷺ هم أولياء الله بعد الأنبياء هم أفضل الناس لم يعلموه حتى قام البعير فوجدوه، فالغيب إلى الله ، فهؤلاء الذين ابتدعوا هذه الموالد يقع عندهم من الشرك الأكبر، ويقع عندهم من الشرور والبدع والخرافات الكثيرة ما يقع، ثم هذه البدعة جرتهم إلى بدع كثيرة، فصاروا يوردون احتفالات كثيرة لمن يسمون بالأولياء في كل مكان، حتى يوجد في إفريقيا مئات أو آلاف الموالد وفي غيرها من البلدان كلها بأسباب هؤلاء الضالين الذين أحدثوا هذه البدع، وصاروا أئمة في الشر والبدع، وهم ....... عبيد القداح الفاطميون الذين أحدثوا البدعة في مصر في القرن الرابع، ثم تابعهم بعض الناس على ذلك حتى انتشرت هذه البدعة.