....... والله يقول سبحانه: إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ[محمد:7]، ويقول : وَكَانَ حَقًّا عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ[الروم:47]، والله سبحانه وعد عباده بالنصر إذا نصروا دينه واستقاموا عليه، ولم يشترط عدة مماثلة ولا رجالًا مماثلين، ولكنه أمر بإعداد المستطاع، فقال: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ[الأنفال:60]، ولم يقل: وأعدوا لهم مثل ما عندهم من قوة لا، قال: وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ[الأنفال:60]، فإذا أعد المسلمون ما استطاعوا ونصروا دينه الله نصرهم الله، فإنما النصر من عنده جل وعلا قال تعالى: إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلَّا بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ[الأنفال:9-10]، فأخبر سبحانه أن الإمداد بالملائكة إنما هو من قبيل البشرى للمسلمين، وإلا فالنصر من عند الله لا من عند الملائكة ولا من عند غيرهم، فعلى المؤمن أن يعلم هذا يقينًا، وأن يجاهد في سبيل الله عن إيمان صادق، وإخلاص لله، ورغبة فيما عند الله، وعن قصد لإعلاء كلمة الله، فقد سئل النبي عليه الصلاة والسلام قيل: يا رسول الله! الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء أي ذلك في سبيل الله؟ فقال عليه الصلاة والسلام: من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله.
وقد سمعتم أخبار المجاهدين وما حصل عليهم في سبيل الجهاد من القتل والجراح والأذى وإهلاك المزارع والقرى وقتل النساء والصبيان والشيوخ وغير ذلك، وذلك بلا شك من المصائب العظيمة، ولكنها إذا نظر فيها من جهة أنها في سبيل الجهاد في سبيل الله وفي سبيل إعلاء كلمة الله صارت يسيرة بالنسبة إلى ذلك، فإن العباد خلقوا ليعبدوا الله، والجهاد من أعظم العبادات، هو ذروة سنام الإسلام، وهو أفضل الأعمال التي يتطوع بها المؤمن، قالت عائشة رضي الله عنها: يا رسول الله! نرى الجهاد أفضل الأعمال أفلا نجاهد؟ فقال: عليهن جهاد لا قتال فيه الحج والعمرة، ولم ينكر عليها قولها: نرى الجهاد أعظم الأعمال.
المقصود أن الجهاد أمره عظيم، وقد قام إخوانكم المجاهدون في الأفغان بهذا الأمر العظيم وهذه الفريضة العظيمة، فعليكم أن تسألوا الله لهم النصر والتأييد في أوقات الإجابة، وأن تصدقوا في ذلك، وعليكم وعلى المسلمين جميعًا وعلى الدول الإسلامية جميعًا وعلى الأغنياء عليكم جميعًا أن تساعدوا بكل ما تستطيعون من المال والسلاح والرجال وغير ذلك، فالجهاد يكون بالمال ويكون بالسلاح ويكون بالنفس انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالًا وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ[التوبة:41]، فالجهاد شأنه عظيم.
وفي الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام أنه قال: جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم بالثلاث: بالمال، والنفس، واللسان، بالمال والنفس معروف، وباللسان بالدعوة إلى الجهاد، والتشجيع على الجهاد، وبيان فضائل الجهاد، والتحريض عليه، وبيان مكامن ضعف العدو حتى يؤتى من جهتها، وبيان ما ينبغي للمسلمين من إعداد القوة، ومن التكاتف، والحذر من أسباب الفشل، إلى غير ذلك مما يقوله باللسان، فاللسان له شأن عظيم في الجهاد، كما أن المال له شأن عظيم في الجهاد، والنفس لها شأن عظيم في الجهاد، فعلى المسلمين أن يجاهدوا بهذا كله، وفي الحديث الصحيح أيضًا يقول النبي ﷺ: من مات ولم يغز ولم يحدث نفسه بالغزو مات على شعبة من النفاق خرجه مسلم في الصحيح، وقال عليه الصلاة والسلام: من جهز غازيًا فقد غزا من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا.