الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين، أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه المحاضرة المباركة التي تولى إلقاءها صاحب الفضيلة: الشيخ عبدالرحمن بن عبدالله بن ريان في موضوع التشاؤم، وفي موضوعات أخرى حول الحذر من المعاصي وعادات الجاهلية، وحول الحذر من البدع وسائر ما حرم الله ، وحول وجوب القيام بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن إهمال ذلك من أعظم الأسباب في حلول العقوبات، وعدم إجابة الدعوات، ولقد أجاد وأفاد جزاه الله خيرًا، وأسمعنا ما نرجو من الله أن ينفعنا به جميعًا، وأن يرزقنا وإياكم وإياه المزيد من العلم والهدى وأسباب السعادة والفقه في الدين.
إن موضوع المحاضرة موضوع مهم، وقد أبدى أثابه الله ما ينبغي إبداؤه وإظهاره في هذا المقام، فالواجب على المؤمن أن يبادر إلى الامتثال فيما يسمع من الخير، وفي ترك ما يحذر منه من الشر، هكذا المؤمن إذا سمع الفائدة ينتهز الفرصة ويسارع إلى الخيرات ويتباعد عن الشرور ويوصي إخوانه بذلك، فالمؤمن أخو المؤمن يسره ما يسره، ويؤلمه ما يؤلمه، والله يقول : وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ، ويقول النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها كما سمعها، فرب حامل فقه غير فقه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه، ويقول عليه الصلاة والسلام: من دل على خير فله مثل أجر فاعله، من دعا إلى الهدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا، فأنت أيها الأخ في الله إذا سمعت الفائدة وسمعت العلم فعملت بذلك فأنت على خير عظيم ثم إذا دللت إخوانك وأرشدتهم إلى ما سمعت من الخير بعد التثبت وبعد الضبط، لا يجوز للإنسان أن يتكلم إلا عن علم وعن بصيرة وعن ضبط، فيقول عن علم أو ينقل عمن سمع من أهل العلم، ويقول: سمعت فلانًا يقول كذا، ويأمر بكذا، وينهى عن كذا، يوصي بكذا، يحذر من كذا، فيكون ناقلًا روايًا وعسى الله أن ينفع بذلك، وربما نقل علمًا إلى شخص غافل فهداه الله بأسبابه فيكون له مثل أجره، ونحن اليوم في غربة من الإسلام، وفي خطر عظيم، وقد شغل الناس إلا من حفظ الله بالدنيا وزهرتها العاجلة وجمعها والسعي في طرقها وأسبابها، وقد غلبت الغفلة على الكثير من الناس إلا من هدى الله.