خطأ الإقبال على العلوم الدنيوية وترك العلوم الشرعية

ما درس العقيدة ما تعلم معنى لا إله إلا الله، ما درس سيرة النبي ﷺ في مكة، وسيرته في المدينة، كيف دعا الناس إلى توحيد الله؟ كيف علمهم دين الله؟ كيف أنكر عليهم عبادة الأصنام والأوثان والقبور والملائكة والأنبياء والصالحين ما درس هذا ولا تأمل هذا وإذا سألته كما سمعتم في الندوة إذا سألته عن معنى لا إله إلا الله لا يعرف ذلك، وبعضهم يقول: معناها لا خالق إلا الله ....... المشركون يقولون بأنه لا خالق إلا الله، أبو جهل يقول لا خالق إلا الله، وأبو لهب يقول لا خالق إلا الله، وما نفعهم ذلك، صاروا من أهل النار كفرة؛ لأنهم عبدوا الأصنام مع الله، استغاثوا بها ونذروا لها وذبحوا لها، عبدوا اللات والعزى ومناة، وعبدوا الأصنام بها يستغيثون ولها ينذرون، ولها يذبحون، بها يتبركون، ما نفعهم قولهم لا خالق إلا الله، هم يعرفون أن هذا ما هو معنى لا إله إلا الله، ولهذا لما قال لهم النبي ﷺ: قولوا لا إله إلا الله استنكروا ذلك، وقالوا: أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَاب [ص:5]، وقالوا أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُون [الصافات:36]، أنكروا هذا، فهم يعرفون معنى لا إله إلا الله، معناها إبطال آلهة الشرك، معناها أن هذه الكلمة تركهم عبادة العزى ومناة وأصنامهم الأخرى، فلهذا أنكروها وعاندوا وقاتلوا ما كفى العناد، بل قاتلوا خرجوا يوم بدر مقاتلين على الشرك بالله ، خرجوا يوم أحد مقاتلين، خرجوا يوم الأحزاب مقاتلين يحمون الأصنام ويعبدون الأصنام ويقاتلون دونها ويحاربون من قال: لا إله إلا الله، وكثير من الناس اليوم المتعلمين على هذا الشكل ما عندهم من العلم إلا علم أبي جهل وأشباهه يعرفون أنه لا خالق إلا الله، ولكن ما يعرف معنى لا إله إلا الله، وأن معنى لا إله إلا الله معناها: أن الله هو المألوه المعبود، وهو المستحق لأن يعبد، بأن ينذر له، بأن يدعا، بأن يستغاث به، بأن يصلى له، بأن يسجد له، وأن هذه الأصنام المعبودة من دون الله باطلة، وأن هذه القبور المعبودة من دون الله باطلة، وأن الأشجار المعبودة من دون الله باطلة، وأنه لا يعبد مع الله، لا نبي ولا ملك ولا صالح ولا شجر ولا صنم ولا قبر ولا غير ذلك، فالعبادة حق الله وحده، أنت تقرأ قوله سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] ما معنى إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]، إياك نعبد وحدك، يعني نذل لك، ونخضع لك بصلاتنا وصومنا ودعائنا واستغاثتنا ونذرنا وسجودنا وصومنا وغير ذلك، وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5] يعني وإياك وحدك نستعين، فإذا قلت: يا سيدي فلان صاحب القبر أعني على شفاء مريضي، أعني على كذا فقد أشركته مع الله في الاستعانة، وإذا قلت أجرني فقد أشركته مع الله في العبادة، وإذا سجدت له أو طفت بقبره ....... أو الشفاعة منه بهذا الطوف فقد أشركته مع الله، وجعلت قبره مثل الكعبة تطوف به، ما هناك طواف إلا بالكعبة، ما في بدين الله طواف إلا بالكعبة، وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ [الحج:29]، لكن هؤلاء الجهلة هؤلاء المشركون جعلوا قبور الأنبياء كعبات يطاف بها وينذر لها ويذبح لها ويستغاث بها، والذي ما عرف تلك البلدان ولا زارها قد يستنكر هذا لكن الذي عرف تلك البلدان أو قرأ عنها أو قرأ عما يفعله عباد القبور يعرف هذه الأمور يعرف هذه الأمور وأنها واقعة في بلدان كثيرة من بلدان المسلمين، وحتى إن بعض الحجاج يفعلون ذلك عند قبر النبي ﷺ، ولو تركوا لفعلوا عند كل قبر في البقيع، وفي المعلاة، وفي غير ذلك لجهلهم، لأنهم عاشوا على هذه الأمور، عاشوا عليها ما دروا عنها، ما عندهم علماء يعلمونهم، العلماء ذهبوا إلا ما شاء الله، كما قال النبي ﷺ: إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من صدور الرجال، ولكن يقبض العلم بموت العلماء، حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤوسًا جاهلًا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا هذا الواقع، وقد بحثت أنا مع شخص بل مع أشخاص يفتون المسلمين يفتون عما يتعلق بدعوة الأموات دعوة الأنبياء والصالحين والاستغاثة بهم والنذر لهم فقال: الآيات النازلة في هذا إنما هي في الأصنام ما هي في الملائكة ولا في الأنبياء والصالحين بس في الأصنام خاصة في قوله جل وعلا: إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ [فاطر:14] ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ [فاطر:] إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ [فاطر:13-14]، قال هذه الأصنام أما إذا دعا النبي أو استغاث بالنبي أو بالملك أو بالرجل الصالح هذا ليس بشرك، يجعلهم شفعاء، نجعلهم وساطة، نعبدهم لأن يقربونا إلى الله زلفى؛ ليشفعوا لنا، سبحان الله هذا عمل المشركين الأولين، الله قال عنهم أنهم يقولون: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى [الزمر:3]، وقال سبحانه: وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ [يونس:18]. والمقصود من هذا أن هذا نتيجة الجهل كونه يتعلم الآداب، يتعلم التأريخ، يتعلم كذا، يتعلم أنواعًا من العلوم الهندسة الطب إلى غير ذلك، ولكنه بعيد عن أن يتعلم دينه الذي بعث الله به رسوله، والذي خلقه الله من أجله لا يعتني بهذا الأمر، ولا يعتني بالقرآن في ذلك، ولا يعتني بالسنة، ولا يعتني بكتب العقيدة حتى يعرف دينه، يشتغل بهذا المادة التي انصرف إليها ثم يأخذ فيها ما شاء الله من شهادة جامعية أو ماجستير أو دكتوراه ثم ينتهي إلى عمله الدنيوي وينسى كل شيء، وهذه من المصائب العظيمة التي يجب على العقلاء على طلبة العلم أن ينتبهوا لهذا الأمر، وأن يكون همهم قبل كل شيء أن يعرفوا دينهم، وأن يتفقهوا في دينهم، وأن يعلموا لماذا خلقوا، هل خلقوا ليأكلوا ويشربوا ويزرعوا ويقتنوا الأموال أو الإبل أو الخيل أو غير ذلك؟ لا، خلقوا ليعبدوا الله، ويطيعوه، ويستقيموا على شريعته، وخلق الله لهم الدنيا ليستعينوا بها على طاعة الله كما قال : هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا [البقرة:29]، خلق لنا هذه لنستعين به، وقال: الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الملك:2]، خلق هذه الدنيا ليبلونا أينا أحسن عملًا، هل نستقيم على طاعة الله؟ هل نخلص لله؟ هل نحسن أعمالنا بالإخلاص لله والصدق؟ أم ننحرف إلى الدنيا وشهواتها والمعاصي فيها وغير ذلك؟ قال تعالى: إِنَّا جَعَلْنَا مَا عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَهَا لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [الكهف:7]، فالله جعل ما على الأرض زينة لها من جبال وأشجار وأحجار ومعادن وحيوانات وغير ذلك، كله جعله الله زينة لهذه الدنيا؛ ليبلونا أينا أحسن عملًا، ليبلو الجن والإنس، فهم المكلفون، ليبلوهم أيهم أحسن عملًا، أيهم أكمل إخلاصًا لله، أيهم أكمل طاعة لله وإيمانا به، قال تعالى: وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا [هود:7]؛ ليبلونا أينا أحسن عملًا، ما قال: أكثر عملًا، قال: أحسن؛ لأن المقصود بالحسن الإخلاص لله والصدق في العمل وأدائه كما ينبغي، وفي آية أخرى يقول : اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا [الطلاق:12]، فنحن خلقنا لعبادة الله، وخلق الله الأشياء هذه كلها لنا، خلقها لنا لنستعين بها على طاعته، لنعرف عظمته وأنه على كل شيء قدير، وأنه بكل شيء عليم، وليبلونا أينا أحسن عملًا، ليبلونا أينا أكمل عملًا، وأطيب عملًا، وأخلص عملًا، وأكمل في الاتباع، فينبغي لك يا عبد الله أيها الطالب للعلم أينما كنت في الثانوي في الجامعة في التخصص ينبغي لك أن يكون لك عناية لما خلقت له من طاعة الله وعبادته في داخل المدرسة وفي خارجها، وإذا كان ما تيسر في المدرسة ففي خارجها في هذه الجامعة يكون لك شيوخ لك أساتذة تجتمع بهم وتدرس عليهم، وتتعاون معهم، وتعنى بكتاب الله القرآن الذي هو أصل كل خير، القرآن هو أصل كل خير، وهو أصل العلم، يعنى به دراسة وتدبرًا وتعقلًا وعملًا، حتى تعرف دينك، حتى تعلم ما خلقت له، حتى تكون على بصيرة في توحيد الله والإخلاص له، وفي اتباع شريعته، ثم تستعين بما أعطاك بعد ذلك من العلوم الأخرى التي هي الطب أو الهندسة أو الجغرافيا أو كذا أو كذا، تسعين بها على طاعة الله ورسوله، تحمد الله الذي أعطاك هذا العلم الدنيوي حتى تستعين على طاعة الله عز وجل، هكذا ينبغي للمؤمن أينما كان.