الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه، أما بعد:
فقد سمعنا جميعًا هذه الندوة المباركة التي تولاها أصحاب الفضيلة: الشيخ محمد بن .......، والشيخ عبدالرحمن القفاري، والشيخ عبدالعزيز بن عبدالله الراجحي، في موضوع أكل الأموال بالباطل، وقد أجادوا وأفادوا وأحسنوا، جزاهم الله خيرًا، وزادنا وإياكم وإياهم علمًا وهدى وتوفيقًا، لقد أوضحوا ما ينبغي إيضاحه في هذا المقام العظيم، فإن الكثير من الناس قد ابتلي بأكل أموال الناس بالباطل بطرق كثيرة ووسائل متنوعة، وما ذاك إلا لضعف الإيمان، أو عدم الإيمان، ولذلك يقدم الكثير من الناس على أكل الأموال بالباطل، وهذا العصر عصر غربة الإسلام، وعصر قلة العلم، وغلبة الجهل مع غلبة الطمع في الدنيا والحرص عليها، وقلة المبالاة بعقوبات الآخرة، والعقوبات المعجلة، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وقد أوضح المشايخ -جزاهم الله خيرًا- الكثير من أمثلة أكل المال بالباطل، وبينوا حكم ذلك، فتارة يكون ذلك الأكل ظاهرًا؛ كالنهب نهب أموال الناس بالقوة كما يفعله قطاع الطريق وكما يفعل الغاصبون في أموال الناس جهرة، وهذا من أقبح أكل أموال الناس بالباطل، لما فيه من العدوان الصارخ والتجبر على الناس والظلم لهم جهرة، ومن ذلك ما يكون في الخفاء كالسرقات وأنواع الخيانات والغش، وكل ذلك والعياذ بالله من أكل أموال الناس بالباطل، وفيه ما فيه من الوعيد فإن ظلم الناس والتعدي عليهم من أقبح الكبائر، ومن أعظم الذنوب والمعاصي، وقد سمعتم ما ذكره المشايخ في هذا من أدلة، ومن ذلك قول النبي ﷺ -في حجة الوداع يخطب الناس في عرفات وفي منى يوم العيد عند اجتماع الخلق العظيم يقول لهم-: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا يعني: يوم النحر، في شهركم هذا يعني: ذا الحجة، في بلدكم هذا، يعني: مكة، يوم حرام وشهر حرام وبلد حرام، ويقول للناس: إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، ثم يقول: ألا هل بلغت؟ فليبلغ الشاهد الغائب فيقولون له: قد بلغت، فيرفع أصبعه إلى السماء، ويقول: «اللهم اشهد، اللهم اشهد»، يستشهد ربه عليهم أنه بلغهم، فأكل الحرام والعدوان على الناس فيه الشر العظيم، والفساد الكبير، والإخلال بالأمن، وجعل الناس في خوف دائم، وتعب دائم، ومعلوم ما يترتب على هذا من الشر العظيم والظلم الكبير وأنواع الفساد، وقد قال الله : وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَابًا كَبِيرًا [الفرقان:19]، وقال: وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ [الشورى:8] فهذا يبين لنا عظم خطر الظلم في الأموال والدماء والأعراض والأجساد والأبشار، ويقول عليه الصلاة والسلام: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة، ويقول النبي ﷺ يقول الله : إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرمًا فلا تظالموا، فالرب حرمه على نفسه وهو القادر عليه جل وعلا ولكنه حرمه على نفسه ودعا عباده إلى ألا يتظالموا حذرهم من الظلم، وقال لهم النبي ﷺ ينقل عن الله ما هو إلا وحي يوحى ما ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام يقول للناس: اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة.