والمقصود من هذه المحاضرة والمقصود من هذا التعليق كله أن تعلموا الحقيقة، وأن تنشروها إلى من وراءكم، كل من سمع شيئًا من الحق ينشره إلى من وراءه ويبلغه من وراءه، كان النبي ﷺ إذا خطب الناس يقول ﷺ: فليبلغ الشاهد الغائب، فرب مبلغ أوعى من سامع، ويقول: نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها ثم أداها ثم بلغها إلى من يسمعها ثم أداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع، وربما قال: ورب حامل فقه غير فقيه، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه.
فالمقصود أنك -يا عبد الله- إذا بلغت قد تبلغ أناسًا أفقه لما تبلغهم منك، وقد ينتفعون بذلك، وقد يبلغونه غيرهم أيضًا، وبهذا ينتشر العلم، وتنتشر الفوائد، ويظهر الحق بين الناس، بنقل العلم ونقل الفائدة من مكان إلى مكان، ومن مجتمع إلى مجتمع، وبهذا تظهر الحقائق، وتظهر الفوائد، وينشر العلم، ويخذل الباطل، ويندحر الباطل.
نسأل الله أن يجعلنا وإياكم ممن يبلغ العلم، ويأخذ بالحق، وينشره، ويقف عند الحق، وعند الحدود التي حدها الله ورسوله، ويحذر الباطل أينما كان، إنه جل وعلا جواد كريم، وجزى الله أخانا الشيخ محمد بن حسن الدريعي خيرًا، ونفعنا جميعًا بما علمنا وبما سمعنا، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الدنيا -أيها الإخوة- دار الابتلاء والامتحان، هذه الدار دار ابتلاء وامتحان، يبتلى فيها أهل التوحيد بأهل الشرك، ويبتلى فيها أهل السنة بأهل البدعة، ويبتلى فيها أهل الإيمان والتقوى بأهل المعاصي، ويبتلى فيها الأخيار بالأشرار، في كل مكان، لكن الموفق من وفقه الله للصبر والثبات على الحق، والجدال بالحسنى؛ لإظهار الحق ودحر الباطل، هذا هو الموفق، من ثبت على الحق وإن تركه الناس فالحق أحق بالاتباع وإن تركه الناس، فالموفق من لزم الحق واستقام عليه، وصبر عليه ولو تركه الناس، وحذر من الباطل وابتعد عنه ولو فعله الناس.
رزق الله الجميع التوفيق والهداية.