إذا رأى الكفار من المسلم الفسوق والعصيان ورأوه يشرب الخمور والزنا والفواحش كفروا بالإسلام، وكيف هذا يدعي أنه مسلم وهذا عمله، إذا كانوا يعملون عنده في بيته وفي عمارته أو في مزرعته ورأوا منه التأخر عن الصلوات ورأوا منه الفسوق والعصيان من الخمور والزنا والفواحش ورأوا منه الخيانة والغش في المعاملة والكذب قالوا: كيف يكون الإسلام هكذا، قد يظنون أن هذا من الإسلام، وأن هذا اكتسبه من الإسلام، وهذا أمر باطل ليس هذا من الإسلام، بل هو ضد الإسلام، كذلك إذا زارهم في بلادهم ورأوا منه الخيانة والفسوق والذهاب إلى دور الخنا والفساد ذموا الإسلام وعابوه، قالوا: هذا مسلم ويعمل هذه الأعمال؟ لو كان دينه طيب لمنعه ولصده عن هذه الأعمال الخبيثة، فينسبون شره وخبثه إلى الإسلام، والإسلام منه براء، ولكن لجهلهم وظلمهم وعدم بصيرتهم ينسبون إلى الإسلام إما جهلًا وإما ظلمًا وعدوانا، والإنسان إنما شره على نفسه، فالإسلام براء منه في عمله السيئ لا في زناه ولا في شربه للخمر ولا في غيبته ولا في النميمة ولا في الخيانة، الإسلام من هذا براء، هو أخطأ في هذا وخالف أمر الإسلام وتعدى حدود ربه فهو ظالم ومعتدي في هذا، فلا يجوز له أن يتعاطى هذا العمل، بل يجب عليه التوبة إلى الله ، والرجوع إلى الحق.
وهو بعمله هذا يصد عن سبيل الله، يصد الناس عن سبيل الله، وينفرهم من دين الله، سواء كان في بلاده وهم يعملون عنده ويرون منه الأعمال السيئة، أو كان في خارج بلاده، إذا زار أي بلد من البلاد الكافرة ورأوا منه خلاف الإسلام رأوا منه تنكب الحق وعدم الصلاة ورأوا منه الغفلة ورأوا منه الذهاب إلى دور الخنا والفساد نفروا من الإسلام ولم يتأثروا بالمسلمين؛ لأن المسلم الذي رأوه قد انحرف وليس عنده من الأخلاق التي ترغبهم في الإسلام ما تبعثهم في نفوسهم الميل إلى الإسلام والرغبة في دين الله .
فالواجب علينا جميعًا وعلى أي مسلم في أرض الله أن يتقي الله، وأن يراقب الله، وأن يحذر أن يرى الناس منه إلا الخير والهدى والصلاح، وأن يتباعد عن إظهار أي منكر في أي بلاد الله، وإذا بلي بالمنكر فليكن سرًا بينه وبين ربه، ويسأل ربه الهداية والتوفيق، وأن يمن عليه بالتوبة، ولا يجوز له إعلان ضلاله ومعاصيه، فإن إعلان المعاصي يضر الناس يضر غيره، والنبي عليه السلام قال: كل أمتي معافى إلا المجاهرين، فالمجاهرون بالمعاصي ليسوا من أهل العافية ليسوا من أهل العافية، نعوذ بالله، المجاهرون بمعاصيهم ليسوا من أهل العافية، فيجب الحذر من ذلك، وأن يبادر المؤمن بالتوبة إلى الله من سائر المعاصي، وإذا ابتلي بشيء فليكن سرًا بينه وبين ربه، ثم يبادر ويسارع بالتوبة إلى الله ، وليحذر أن يهجم عليه الأجل وهو على الحالة السيئة التي تغضب الله، عليه يبادر بالتوبة النصوح ويلزم التوبة قبل أن يهجم عليه الأجل ويأتيه على غرة وهو على معاصي الله وعلى محاربة الله ورسوله، ولا حول ولا قوة إلا بالله.