ومن النواقض العقدية والفعلية والقولية ما يفعله عباد القبور اليوم في كثير من الأمصار من دعاء الأموات، والاستغاثة بالأموات، وطلب المدد، يقول: يا سيدي المدد المدد، الغوث الغوث، أنا في جوارك، اشف مريضي، ورد غائبي، أصلح قلبي، انصرني على عدوي، يخاطب الميت بهذا، يخاطب الأموات الذين يسمونهم بالأولياء، يسألونهم هذا السؤال، نسوا الله وأشركوا معه غيره ، فهذا كفر قولي وعقدي وفعلي، وبعضهم يناديه من بعيد، وفي أمصار طويلة ينادي يا رسول الله انصرني من بعيد من أماكن بعيدة، وبعضهم عند قبر النبي ﷺ يا رسول الله اشف مريضي، يا رسول الله المدد المدد انصرنا على أعدائنا، أنت تعلم ما نحن فيه انصرنا على أعدائنا، الرسول ما يعلم الغيب ما يعلم الغيب إلا الله ، فهذا من الشرك القولي والعقدي، وإذا اعتقد مع ذلك أن هذا جائز وأنه لا بأس صار شركًا عقدي قولي فعلي نسأل الله العافية.
وهذا واقع في الناس اليوم واقع في دول كثيرة وبلدان كثيرة، وكان واقعًا في هذه البلاد كان واقعًا في الرياض والدرعية وسائر نجد قبل دعوة الشيخ محمد رحمة الله عليه، كانت لهم آلهة في الرياض وفي الدرعية وفي كل مكان أشجار تعبد من دون الله، وأناس يقال لهم: الأولياء يعبدونهم مع الله، وقبور تعبد مع الله، وكان موجودًا قبر زيد بن الخطاب أخو عمر ممن قتل أيام مسيلمة وكان موجودًا في جبيلة كان يعبد من دون الله حتى هدم ذلك القبر ونسي اليوم والحمد لله بأسباب دعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه قدس الله روحه وأكرم مثواه وجزاه الله عنا وعن المسلمين أفضل الجزاء وأحسنه.
كانت نجد والحجاز فيها من الشرك العظيم والدعوة لغير الله وأنواع الاعتقادات الباطلة ما لا يحصى، فلما جاء رحمه الله في القرن الثاني عشر قبل مائتي سنة وسنوات ودعا إلى الله وأرشد الناس وعاداه الكثير من العلماء علماء بلاده الجهلة وأهل الهوى لكن الله أيده ونصره بعلماء الحق، وبما قام به من الحق، ودعوة الحق، وأيده علماء الحق، فدعا إلى الله وأرشد الناس إلى توحيد الله، وبين لهم أن عبادة الجن وعبادة الأشجار والأحجار ودعوة أصحاب القبور أن هذا هو الشرك، هذا عمل الجاهلية، هذه أعمال أبي جهل وأشباهه من كفار قريش مع اللات والعزى ومناة ومع قبور وآلهة أخرى هذه أعمالهم بين رحمه الله للناس وهدى الله على يديه من هدى، ثم عمت الدعوة إلى الجزيرة كلها وانتشر فيها التوحيد والإيمان، وترك الناس الشرك بالله وعبادة القبور وعبادة الأولياء، بعضهم يعبد أناسًا مهابيل ما عندهم عقول، يعبدون مع الله يسمون المجاذيب، ليس لهم عقول يسمونهم أولياء ويعبدونهم وهم لا عقول لهم، هذا من جهل الناس وضلالهم.
فهذه أمور تقدح في العقيدة وتنقضها، تنقض العقيدة نقضًا، يعني تبطلها، ويكون صاحبها مرتدًا عن الإسلام، يجب أن يقتل من بدل دينه فاقتلوه كما قاله النبي ﷺ، بعد أن يستتاب يقال له يبين له أن هذا هو الشرك وهذا مما جاء النهي عنه في السنة وأجمع عليه المسلمون فيبين له إذا كان مثله يجهل حتى يعرف الحق ويتبين له الأدلة فإذا وضح له الأمر وبين له الأمر ثم لم يتب يقتل، ولو قال: ما أفهم ما يطاع، لو قال: ما أفهم ما أعرف ويش تقولون لا يطاع؛ لأن الأدلة واضحة، إذا بين له الأمر كفى إذا كان مثله يجهل، أما إذا كان من أهل العلم ممن يعرف ثم يكابر هذا يقتل والعياذ بالله.
والمقصود أن من أتى بهذه الشركيات وهذه الكفريات يستتاب إقامة للحجة وبراءة للذمة واحتياطًا، فإذا رجع إلى الحق وتاب وأناب فالحمد لله ويخلى سبيله، وقد يؤدب إذا كان مثله يستحق التأديب ردعًا لأمثاله، ولأن بعض الناس قد يقول: تبت، وهو كاذب ليتخلص من القتل، ولهذا رأى بعض أهل العلم أنه إذا أتى بأمر من المنكرات الكفرية فإنه يستتاب، ويؤدب إذا أظهر التوبة يؤدب زيادة حتى لا يقدم على مثل هذا بسب الله بسب الرسول بالاستهزاء بالدين، وبعض أهل العلم قالوا: لا تقبل توبته، من سب الله وسب رسوله يقتل أبدًا ولا يستتاب؛ لأن سب الله كفر عظيم، فلا يستتاب صاحبه، بل يقتل ولو قال: تبت، وهكذا سب الرسول ﷺ.