والمقصود من هذا والخلاصة أن المال مطلوب، وأنه نعم المال الصالح للرجل الصالح، لكن لا بد أن تراعى فيه الشروط، لا بد أن تراعى فيه شروط، لا بد أن يكون من كسب طيب، لا من طريق الحرام، لا من طريق الكذب والرشوة والخيانة والغش في المعاملات، من غشنا فليس منا، يقوله النبي عليه الصلاة والسلام يكون من طريق طيب من كسب طيب من عمل اليد من التجارة الطيبة السليمة، ثم إذا رزقك الله المال لا تكن بخيلًا ولا شحيحًا، فإن أعطاك الله المال بالطرق الطيبة فأنفق وأحسن وأد حقه وأد زكاته واستعن بالله، ........ وصبرت على الحلال فأنت على خير عظيم، درهم طيب من كسب طيب خير لك من ملايين الدراهم، يقول النبي ﷺ: إن الله تعالى طيب ولا يقبل إلا طيبًا، وإن الله أمر المؤمنين بما امر به المرسلين فقال تعالى: يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا [المؤمنون:51] الطيبات الحلال وقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [البقرة:172]»، ثم ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء يقول: يا رب! يا رب! ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام قال النبي ﷺ: فأنى يستجاب لذلك، يعني بعيد أن يستجاب له في هذه الحال بعيد أن يستجاب له دعاؤه وقد تلبس بالحرام في هذه الأمور في أكله وشربه وغذائه وملبسه، نسأل الله العافية.
وجاء عنه أنه قال: كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به، نسأل الله العافية، فالواجب الحذر من أكل الحرام وكسب الحرام، والواجب العناية بالكسب الطيب، ثم العناية بالصدقة والإنفاق والإحسان والجود والكرم وأداء الزكاة التي أوجب الله، فهذا هو الطريق وهذا هو السبيل وهذه هي التجارة الرابحة التي يرضى الله بها وتنفعك في الدنيا والآخرة، قال النبي عليه الصلاة والسلام: الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله، أو قال: كالصائم لا يفطر، والقائم لا يفتر، هذا حديث عظيم، الساعي الذي يسعى في طلب الرزق من طريق التجارة أو سائر الأكساب الطيبة، على الأرملة المرأة الفقيرة من أخت وبنت ونحو ذلك، والمسكين من ولد واحد ونحو ذلك ينفق عليهم ويحسن إليهم ويتعب بمواساتهم والإحسان إليهم كالمجاهد في سبيل الله، أو قال: «كالصائم لا يفطر والقائم لا يفتر»، هذا خير عظيم لمن وفقه الله لمن صبر على الحلال لمن رزقه الله الجود والكرم والإنفاق في سبيل الله، والله يزيده من فضله، كلما أنفق زاده الله، كلما تعب في طلب الحلال يسر الله أمره وأعانه، فليصبر وليحتسب ولا يعجل في الأمور، بل عليه الصبر والاحتساب، وعليه أن يسأل ربه الإعانة والتوفيق، ويتحمل ولا يغتر بالناس، الناس الآن عندهم -إلا من عصم الله- الصدوق الطيب عندهم مسكين ضعيف عندهم مسكين ما عنده عقل ضعيف، الجيد عندهم الكذوب الخوان هذا جيد الخائن الكذاب الغشاش هذا الجيد عندهم، والذي عنده حرص على المال وعنده حيل في المال وعنده حرص متنوع الطريق في طلب المال بكل طريقة خبيثة هذا عندهم الرجل والجيد وهذا الفاهم وهذا وهذا وهذا.