وسمعتم من الآيات ما فيه الكفاية من قوله جل وعلا: وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ [الأنعام:152]، فلا تقرب أموال اليتامى إلا بالتي هي أحسن وذلك بالتصرف فيها بالتجارة والتنمية بالنصح وأداء الأمانة حتى يبلغ اليتيم أشده حتى يبلغ الحلم ويزول عنه السفه ويكون رشيدًا، فإذا رشد دفع إليه ماله وأشهد عليه، ولا يجوز قرب ماله للطمع فيه والإساءة إليه، بل هذا من أعظم أسباب العقوبات، ومن كبائر الذنوب كما قال : إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا [النساء:10]، فأكل مال اليتيم بغير حق من كبائر الذنوب، وفي الحديث الصحيح: اجتنبوا السبع الموبقات قلنا: وما هن؟ يا رسول الله! قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات.
فجعل أكل مال اليتيم من هذه السبع من الكبائر الموبقة المهلكة نعوذ بالله، فعلى من كان عنده يتيم أو يتيمة أن يتقي الله في أمرهما، وأن يحسن إليهما، وأن يصون مالهما عما لا ينبغي، وأن يجتهد في تنميته، وقد روي عن النبي ﷺ أنه أمر بالتجارة في مال اليتيم لئلا تأكله الصدقة ولكن الرواية المرفوعة ضعيفة، والمحفوظ أنه من كلام عمر كان عمر يوصي بذلك رضي الله عنه وأرضاه بالإحسان إلى أموال اليتامى لئلا تأكلها الصدقة يعني بالتجارة فيها وتنميتها.